للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَاتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: ٢٤].

وهذه المحبة أهم أعمال القلوب على الإطلاق، لأنها أصل أعمال الإيمان كما أن التصديق أصل أقواله، ولهذا كان شرك المحبة أصل الشرك العملي، وأعظم أنواعه، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} [البقرة: ١٦٥]. يقول الآلوسي: "جواب (لو) محذوف، للإيذان بخروجه عن دائرة البيان، أي لوقعوا من الحسرة والندامة فيما لا يكاد يوصف" (١).

رابعا: الخوف: وهو ثمرة العلم بصفات العقوبة، كالغضب والسخط والانتقام. والخوف من أعلى مراتب الإيمان، ومن ضرورات تحقيقه، يقول الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا .......} الآيات [الأنفال: ٢ - ٤] ويقول: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ١٧٥]. يقول إبراهيم التيمي: "ينبغي لمن لا يحزن أن يخاف أن يكون من أهل النار، لأن أهل الجنة قالوا: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} [فاطر: ٣٤]، وينبغي لمن لا يشفق أن يخاف ألا


(١) روح المعاني للآلوسي ١/ ٢/٣٥، وانظر في المحبة وما يتعلق بها: قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام ١/ ٢١، ٢٠٦، ٢/ ٢١٣، مجموع الفتاوى لابن تيمية ١٠/ ٤٨، ٤٩، الفوائد لابن القيم ص٩٥، شرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي ص٢٦٦.

<<  <   >  >>