للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكون من أهل الجنة، لأنهم قالوا: {إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ} [الطور: ٢٦]. اهـ كلامه" (١).

والخوف المحمود تارة يتعلق بالمخوف ذاته، كخوف مقام الرب أو عذابه، وتارة يتعلق بوسائل المخوف، كخوف رد العمل، أو الوقوع في الموبقات، قال تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن: ٤٦]، وقال: {وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} [الإنسان: ٧]، وقال: {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} [الزمر: ١٦]، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون: ٥٧ - ٦١]. روى الإمام أحمد بسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} أهو الرجل يزني ويسرق ويشرب الخمر؟ قال: «لا يا ابنة الصديق، ولكنه الرجل يصوم ويصلي ويتصدق وهو يخاف أن لا يقبل منه» (٢). وقال ابن أبي مليكة: "أدركت ثلاثين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كلهم يخاف النفاق على نفسه" (٣).

والخوف من الله تعالى يستلزم القيام بفعل المأمور وترك المحظور، قال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى *


(١) صفة الصفوة لابن الجوزي ٣/ ٩١.
(٢) المسند ٦/ ٢٠٥، وهو حديث صحيح. صحيح الترمذي للألباني ٣/ ٨٠.
(٣) صحيح البخاري بشرحه فتح الباري: كتاب الإيمان، باب خوف المؤمن أن يحبط عمله وهو لا يشعر ١/ ١٠٩.

<<  <   >  >>