فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَاوَى} [النازعات: ٤٠، ٤١]، وأعظم ما يدخل في المحظور شرك العبادة، فإنه أعظم المحرمات، وهو ينتظم أنواعا كثيرة، منها شرك الخوف، وهو أن يخاف من غير الله أن يصيبه بما لا يقدر عليه إلا الله سواء اعتقد أن ذلك على سبيل الكرامة أو الاستقلال. وهذا المعنى هو الذي يعتقده المشركون في آلهتهم، ولهذا كانوا يخافونها ويخوفون بها أولياء الرحمن، قال تعالى:{وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ}[الزمر: ٣٦]، وقال ـ حكاية عن قوم هود ـ:{إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آَلِهَتِنَا بِسُوءٍ}[هود: ٥٤]، وقد ورث هذا الشرك كثير من غلاة الشيعة والصوفية وغيرهم.
أما ترك بعض الواجبات خوفا من الناس، كترك ما يجب من الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهذا مما دون الشرك من المحرمات، وهو الذي نزل فيه قوله تعالى:{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[آل عمران: ١٧٥]، أي يخوفكم بأوليائه، لئلا تجاهدوهم، ولا تأمروهم بمعروف ولا تنهوهم عن منكر (١).
خامسا: الرجاء: وهو ثمرة العلم بصفات الرحمة، كالمغفرة واللطف والعفو والبر والإحسان. والرجاء من أعظم عبادات القلوب، وأقوى بواعث الطاعة، وقوته في القلب تكون على حسب قوة المعرفة بالله وصفاته. يقول ابن القيم: "قوة الرجاء على حسب قوة المعرفة بالله وأسمائه وصفاته، وغلبة رحمته غضبه، ولولا روح
(١) انظر في الخوف وما يتعلق به: قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام ١/ ٢١، ٢٠٦، الفوائد لابن القيم ص٩٦، تيسير العزيز الحميد لسليمان آل الشيخ ص٤٨٣ - ٢٩٥، ٤٩٨.