للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرجال لعطلت عبودية القلب والجوارح، وهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا" (١).

والرجاء عبادة لا يجوز أن ينفك عنها المسلم لا في حال الإحسان ولا في حالة الإساءة، ففي حال الإحسان يرجو قبول العمل فرضا كان أو نفلا، وفي حال الإساءة يرجو قبول التوبة والتجاوز عن العقوبة، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، وقال: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: ٥٣]، أي لمن تاب، ولهذا عمم في المذنبين وأطلق في الذنوب، لأن الله يغفر بالتوبة النصوح لكل مذنب من كل ذنب، وهذه خاصة التوبة من بين أسباب المغفرة.

وقد اختلف أهل العلم في التفضيل بين الرجاءين، فطائفة فضلت رجاء المحسن، لقوة أسباب الرجاء معه، وطائفة فضلت رجاء المذنب التائب، لأن رجاءه مجرد عن علة رؤية العمل، ومقرون بكسرة رؤية الذنب. والظاهر أن التفضيل لا يتعلق بنوع الرجاء، وإنما يتعلق بمقدار ما يقوم بقلب صاحبه من حقائق التقوى حال رجائه، فمن كان أتقى كان رجاؤه أفضل سواء أكان محسنا أو تائبا، قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣].

وفيما تقدم ذكره بيان واضح لنوع الرجاء المحمود، وهو إما


(١) مدارج السالكين ٢/ ٤٢.

<<  <   >  >>