كل شرك في العالم فإن تعطيل الصفات أصله ومبدؤه، فالمشرك إنما يعبد مع الله غيره إذا ساء ظنه بصفات ربه، فظن أنه محتاج إلى الشركاء والأعوان، أو يخفى عليه شيء من أحوال عباده حتى يحتاج إلى من يعرفه بها، أو لا يقدر وحده على الاستقلال بقضاء حاجات العباد، أو شك في رحمته فظن أنه محتاج إلى شفعاء يستعطفونه على عباده، أو شك في قوته فظن أنه محتاج إلى أولاد وأولياء يتكثر ويتعزر بهم!.
وكذلك فإن الإلحاد في أسماء الرب لازم حتمي للتعطيل، قال تعالى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأعراف: ١٨٠]، ودعاؤه بها يعم دعاء المسألة ودعاء الثناء، ودعاء التعبد. وهذا كله فرع عن ثبوت حقائق الأسماء ومعانيها، فإذا أنكر المعطل معانيها، واعتبرها مجرد أعلام لا تتضمن أوصافا ولا معان أبطل حسن دلالاتها على الرب، وأبطل متعلقاتها من الخلق، وهذا من أعظم الإلحاد عقلا وشرعا ولغة وفطرة، ولهذا قال ابن القيم: المعطل أشر من المشرك! (١)، وهذا محمول على غلاة المعطلة، لأنهم ينكرون جميع الصفات والمشرك غايته أن ينكر بعض الصفات أو يطعن في كمالها، كإنكارهم القدرة على البعث وشكهم في عموم علم الله بأفعال العباد، قال تعالى:{وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا}[الإسراء: ٤٩]، وقال: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ