وكيف تأله القلوب من لا يسمع كلامها، ولا يرى مكانها، ولا يحب ولا يحب، ولا يقوم به فعل البتة، ولا يتكلم ولا يكلم، ولا يَقْرُب من شيء ولا يَقْرُب منه شيء، ولا يقوم به رأفة ولا رحمة ولا حنان، ولا له حكمة، ولا غاية يفعل ويأمر لأجلها؟! فكيف يتصور على ذلك محبته والإنابة إليه، والشوق إلى لقائه، ورؤية وجهه الكريم في جنات النعيم، وهو مستو على عرشه فوق جميع خلقه؟! أم كيف تأله القلوب من لا يَحِبُّ ولا يُحَبُّ، ولا يرضى ولا يغضب، ولا يفرح ولا يضحك؟! فسبحان من حال بين المعطلة وبين محبته ومعرفته، والسرور والفرح به، والشوق إلى لقائه، وانتظار لذة النظر إلى وجهه الكريم، والتمتع بخطابه في محل كرامته ودار ثوابه! " (١).
٢ - لزوم الشرك والإلحاد، فإن الشرك لازم حتمي للتعطيل، لأن تعلق القلوب بالرب محبة ورغبة ورهبة وتوكلا ناشئ عن استيقان القلوب بعلم الرب، وسمعه وبصره، ورحمته، وجوده، وبره، وإحسانه، وقدرته، وتفرده بجلب النافع ودفع المضار. فإذا نفى المعطل هذه الصفات أبطل مقتضى التعلق برب العالمين، وفزعت الخليقة إلى غيره، وتعلقت قلوبهم بمن يتوهمون فيه العلم بأحوالهم، والقدرة على تحقيق رغباتهم، وقضاء حوائجهم، واتخذوه ندا من دون الله، يدعونه ويعبدونه ويتوكلون عليه!!.
وإذا كان اللازم مجرد دليل فساد المذهب وليس بمذهب فإن هذه القاعدة قد لا تنطبق هنا من كل وجه، لأن قوة التلازم بين التعطيل والشرك قد تدفع إلى الوقوع في الشرك اعتقادا وعملا، إذ