ومعنى هذا: أن الأفعال التي يتقرب بها إلى الله محصورة، وهي مقصورة على مصدر واحد، فهي إنما تؤخذ من الشرع وحده، فلا يجوز لأحد أن يتعبد الله بما لم يشرعه سبحانه.
وما عدا ذلك من الأفعال العادية فهي باقية على أصلها وهو الحل والإباحة؛ فلا يجوز لأحد أن يحرم شيئًا منها.
التنبيه الرابع: أن العمل بهاتين القاعدتين مستند إلى العمل بدليل الاستصحاب، وهو المعبر عنه أحيانًا بقاعدة:(اليقين لا يزول بالشك)(١).
وهذا يقتضي في باب العبادات الحكم بانتفاء جميع العبادات ومنعها؛ استبقاء للأصل، وهو عدم مشروعيتها، ويقتضي أيضًا في باب العادات الحكم بحل جميع العادات والإذن فيها؛ استبقاء للأصل، وهو جواز الإقدام عليها.
هذا هو حكم الاستصحاب وهو البقاء على الأصل، ولما كان هذا الأصل متيقنًا كان التمسك بالأصل تمسكًا باليقين وعملا به.
ثم إن شرط الأخذ بالاستصحاب الذي هو التمسك بالأصل واستبقاؤه ألا يرد ناقل عن هذا الأصل ومزيل لحكمه.