للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنبيه:

احتج بعضُهم بذلك في تحسين بعض البدع - كالاحتفال بمولده - صلى الله عليه وسلم - وبيوم هجرته، وتخصيص ليلة السابع والعشرين من شهر رجب بالمزيد من الذِّكر والقيام - حيث قال: إنَّ الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل بعض العبادات، وذلك لأن المقتضي في حقه - صلى الله عليه وسلم - منتف؛ لكونه قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ومعلوم أنَّ تَرْكَه - صلى الله عليه وسلم - كمَّا تقرر لا يكون حُجَّة إلا بشرط قيام المقتضي، فهو - صلى الله عليه وسلم - بخلاف أمته - ولا سيما المتأخرين - فإن المقتضي في حقهم قائم ثابت، وذلك لعظم تقصيرهم وكثرة ذنوبهم.

والجواب على ذلك: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد بَيَّنَ بُطْلَان هذه الدعوى وذلك في قصة الرَّهْط الثلاثة الذين سألوا عن عبادته - صلى الله عليه وسلم - فلمَّا أُخبروا بها كأنهم تَقَالُّوها, فقالوا: أين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فقال - صلى الله عليه وسلم -: «أمَا والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له» (١).

وبذلك يُعلم أن الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - بلغ الغاية القصوى في تقوى الله والحرص على التقرب إليه بأنواع التعبدات والطاعات.

وبهذا يتقرر أصل مهم في هذا الباب، وهو: أن


(١) أخرجه البخاري ص (١٠٧٠) برقم (٥٠٦٣) وقد تقدم.

<<  <   >  >>