للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المقتضي لفعل عمل ما في باب العبادات متى ثبت في حق الأمة فثبوته في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - أَوْلَى وأَتَم، لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان أتقى هذه الأمة لله على الإطلاق.

ومثل هذا يُقَال - أيضًا - في حق السلف الصالح، فإن المعنى المقتضي للإحداث - وهو الرغبة في الخير والاستكثار من الطاعة - كان أَتَمُّ في السلف الصالح؛ لأنهم كانوا أحقُّ بالسبق إلى الفضل وأرغب في الخير ممن أتى بعدهم.

وهذا بخلاف غير العبادات من الأعمال، فإن المقتضي لفعلها قد يوجد في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي حق السلف، وقد لا يوجد (١).

الشرط الثاني: أن يقع هذا التَّرْك منه - صلى الله عليه وسلم - مع تمكنه - صلى الله عليه وسلم - من الفعل، ويحصل ذلك بانتفاء الموانع وعدم العوارض؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قد يَتْرُك فعلا من الأفعال - مع وجود المقتضي له - بسبب وجود مانع يمنع من فعله.

ومن الأمثلة على ذلك: تركه - صلى الله عليه وسلم - جمع القرآن (٢) فإن المانع من جمعه كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الوحي لا يزال ينزل فيغير الله ما يشاء ويحكم ما يريد، فلو جُمع في مصحف واحد لتعسر أو تعذر تغييره كل وقت فلما استقر


(١) انظر: الاعتصام (١/ ٣٦٨).
(٢) انظر صحيح البخاري ص (١٠٥٦) برقم (٤٩٨٦).

<<  <   >  >>