للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أقوال العلماء التي استشهد بها النووي في فهم الحديث: «قال ابنُ جَرير وغيره: هذا حديث جامع لأنواع من الخير؛ لأن الإنسان إذا رأى مَن فُضِّل عليه في الدنيا، طلبت نفسُه مثل ذلك، واستصغر ما عنده من نعمة الله تعالى، وحرص على الازدياد، ليلحق بذلك أو يُقارِبه، هذا هو الموجود في غالب الناس، وأما إذا نظر في أمور الدنيا إلى من هو دونه فيها، ظهرت له نعمة الله تعالى عليه، فشكرها وتواضع، وفعل فيه الخير» (١).

وهذا الصنف من الناس أشار إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينما سئل: أي الناس أفضل؟ قال: «كل مخموم القلب، صدوق اللسان، قالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال: هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي ولا غلَّ ولا حسد» (٢).

ولا يكتمل الإيمان في قلب من انجرف به التنافس غير الشريف إلى الحسد كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «.. ولا يجتمعان في قلب عبد: الإيمانُ والحسدُ» (٣).

وللحسد عواقب وَخِيمة على الحاسد قبل غيره، وفي بيان بعض عواقب الحسد يقول القرطبي: (والحسد مذموم، وصاحبه مغموم، وهو يأكل الحسنات، وقال الحسن: ما رأيتُ ظالمًا أشبه بمظلوم من حاسد؛ نَفَسٌ دائم، وحزن لازم، وعَبرة لا تنفد.

وقال عبد الله بن مسعود: لا تُعادُوا نعم الله، قيل له: ومن يعادي نعم الله؟ قال: الذين


(١) شرح النووي لصحيح مسلم ٩/ ٣٠٨ - ٣٠٩ من شرح الحديث ٩ من كتاب الزهد.
(٢) صحيح سنن ابن ماجه للألباني - كتاب الزهد - باب ٢٤ - الحديث ٣٣٩٧/ ٤٢١٦ (صحيح).
(٣) صحيح سنن النسائي للألباني - كتاب الجهاد - باب ٨ - الحديث ٢٩١٢ (حسن).

<<  <   >  >>