للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على الحصير حتى يؤثر في جنبه (١)، وهكذا كان حال الصالحين الذين يعدُّون الإمارة مغرمًا لا مغنمًا.

وكما تكون الإمامة والأسوة في الخير، فهنالك (أئمة يدعون إلى النّار) أي قدوة للضلال (٢)، وكلا الطريقين متاح، فهل تكون أسوة هدى، أم قدوة ضلال؟

لقد كان الحرص على حسن الأسوة، والحذر من الميل عمّا كان عليه حال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يدفع رجلًا مثل أبي بكر - رضي الله عنه - ليقول: (إني أخشى إن تركت شيئًا من أمره أن أزيغ) (٣)، وإن من سار في طريق المجاهدة لا يرتضي لنفسه أن يكون من الخلوف، الذين وصفهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنهم: «يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون» (٤)، وإنما يحرص على أن يكون من أتباع النبي الذين وُصفوا بأنهم: (يأخذون بسنته ويقتدون بأمره) (٥)، وكما يقول مالك بن دينار: «إن العالم إذا لم يعمل بعلمه، زلَّت موعظته عن القلوب؛ كما يزلُّ القطر عن الصخرة الصماء» (٦).

ولا يليق بصاحب خلق (حسن الأسوة) أن يكون إمَّعة يسيء مع المسيئين، فقد روي عن ابن مسعود قوله:) وطّنوا أنفسكم: إن


(١) صحيح البخاري - كتاب المظالم - باب ٢٥ - الحديث ٢٤٦٨ (الفتح ٥/ ١١٦).
(٢) كما في تفسير الألوسي ٢/ ٨٣ سورة القصص - الآية ٤١.
(٣) صحيح البخاري - كتاب فرض الخمس - باب ١ الحديث ٣٠٩٣ (فتح الباري ٦/ ١٩٧).
(٤) أخرجه مسلم (جامع الأصول ١/ ٣٢٦) الحديث ١٠٨.
(٥) نفس المرجع السابق.
(٦) عن ممرات الحق (٢/ ٣٠٠).

<<  <   >  >>