للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هول الموقف -: «.. فاشفَع لنا عند ربك؛ حتى يُريحَنا من مكاننا هذا، فيقول: لست هناكم - ويذكر ذنبه فيستحيي - .. لست هناكم - ويذكر سؤاله ربه ما ليس له به علم فيستحي - .. لست هناكم - ويذكر قتل النفس بغير نفس فيستحيي من ربه -» (١)، وكل منهم متحرج، ويمنعه الحياء من الجرأة على الشفاعة.

ولإحساس المؤمن في الدنيا بأن الله يراه على جميع أحواله، فإنه يستحيي من ربه، ولذلك ورد في التستر عند الاغتسال في الخلوة، قوله - صلى الله عليه وسلم -: «الله أحق أن يُستَحْيَا منه من الناس» (٢)، والذي يستحيي من ربه، إن كشف عورته في خلوته، حريٌّ به أن يمنعه الحياء من الإقدام على معصية.

ويكفي في فضيلة الحياء وأثره، أن الأنبياء السابقين حذروا من كسر حاجز الحياء، لئلا يقع المرء في كل القبائح - وليس له رادع ولا وازع - كما في الحديث: «إن مما أدرك الناسُ من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت» (٣).

ومن الوجوه التي يفهم بها هذا الحديث أنه:

حيث تشعر بالحرج، وتخشى التأثم، فتوقف، وحيث يطمئن القلب، ولا تشعر بالحرجن فاصنع ما شئت.


(١) صحيح البخاري - كتاب التفسير - سورة ٢ - باب ١ - الحديث ٤٤٧٦ (الفتح ٨/ ١٦٠).
(٢) من معلقات البخاري في كتاب الغسل - باب ٢٠. قال في الفتح ١/ ٣٨٦: (.. وحسنه الترمذي وصححه الحاكم) ..
(٣) صحيح البخاري - كتاب الادب - باب ٧٨ - الحديث ٦١٢٠ (الفتح ١٠/ ٥٢٣)

<<  <   >  >>