للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإخبات، وألا يكون من الجبارين المتكبرين) (١).

وقد كان عمر - رضي الله عنه - عنه يُدرِّب ولاته على الذلة على الرعية، وينهاهم عن إذلال الناس، كما يعلم الناس حقهم في أن يعيشوا كرامًا، ومما جاء في خطبة له: (إلا إني والله ما أُرسِل عمالي إليكم ليضربوا أبشاركم، ولا ليأخذوا أموالكم، ولكن أرسلهم إليكم؛ ليعلموكم دينكم وسنتكم، فمَن فُعِل به شيء سوي ذلك، فليرفعه إلى، فوالذي نفسي بيده إذًا لأقصنه منه ... ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم ..) (٢)، وكان عمر - رضي الله عنه - عنه يوصي واليه على الحمى بقوله: (اضمُمْ جناحك عن المسلمين واتقِ دعوة المسلم ينح فإن دعوة المظلوم مستجابة) (٣).

الاعتراف بالخطأ يحتاج إلى شجاعة كبيرة، ونزاهة عالية، وتواضع جم. وإن حدثتك نفسك أن اعترافك قد يضع من قدركن فأحرص على سلامة الحق، أكثر من حرصك على تزيين نفسك، كما أن قبول عذر المعتذر إليك تواضع رفيع، وكرم عال. فالنفوس الخبيثة تتمنى الزلة من الآخرين؛ لتتشفى بالنقد والمحاسبة والتشهير .. ويعبر ابن القيم عن هذا المعنى بقوله: (مَن أساء إليك ثم جاء يعتذر عن إساءته، فإن التواضع يوجب عليك قبول معذرته - حقًّا كانت أو باطلًا - وتكل سريرته إلى الله تعالى .. وعلامة الكرم والتواضع: انك إذا رأيت الخلل في عذره، لا توقفه عليه، ولا تحاجه ..) (٤)، فابتعِد عن الإحراج، واقلب الصفحة،


(١) من حاشية صحيح الجامع ١/ ٢٧١ تعليقًا على الحديث ١٢٦١.
(٢) مسند أحمد ١/ ٤١ وقال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: إسناده حسن (٢٨٦).
(٣) صحيح البخاري - كتاب الجهاد - باب ١٨٠ - الحديث ٣٠٥٩ (الفتح ٦/ ١٧٥).
(٤) تهذيب مدارج السالكين ص ٤٣٣.

<<  <   >  >>