للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بيده وانتهى كل شيء. إن هذا لدليل ضعف الإيمان، وحياة القلب هي علامة الإيمان، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: «.. مَن سرَّته حسنته وساءته سيئته فذلكم المؤمن» (١)، ومثل هذا يأمن عذاب الله في الآخرة؛ لخوفه من ذنبه في الدنيا.

قال أبو أيوب الأنصاري: (.. وإن الرجل ليعمل السيئة، فلا يزال منها مشفقًا، حتى يلقى الله آمنًا) (٢)، وقد جاء في وصية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله: «.. وابكِ على خطيئتك» (٣).

وأول علامات حياة القلب: الشعور بالخطأ، ثم الشعور بالندم، ثم البكاء، ولا يبكي من لم يندمْ، ولا يندم مَن لم يشعر بعظم ذنبه.

إن التأثر بالمواقف التي تستدعي الشفقة والرحمة، صورة من صور هذا الخلق، ومن ذلك أن أبا أيوب الأنصاري رأى امرأة في السبي تبكي؟ فعلم أنه فرق بينها وبين ولدها، فجاءها بولدها فاعترض عليه أميره عبد الله بن قيس؟ وقال له: ما حملك على ما صنعت؟. قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من فرق بين والدة وولدها، فرق الله بينه وبين الأحبة يوم القيامة» (٤)، إنه التأثر لما قد يقع من ظلم، حتى على غير المسلمين.

ومثل ذلك التأثر بالمواقف، التي تستدعي السخط على الظلم والظالمين، فقد ورد أن بعض الصحابة، أرادوا المرور بديار أصحاب الحجر، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تدخلوا على هؤلاء القوم


(١) صحيح سنن الترمذي - أبواب الفتن - باب ٧ - الحديث ١٧٥٨/ ٢٢٦٨ (صحيح).
(٢) فتح الباري ١١/ ٣٣٠ وعزاه ابن حجر غلى أسد بن موسى في الزهد من حديث أبي أيوب الانصارى ..
(٣) صحيح سنن الترمذي - أبواب الزهد - باب ٤٧ - الحديث ١٩٦١/ ٢٥٣٠ (صحيح)
(٤) مسند أحمد ٥/ ٤١٣ وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي ٢/ ٢٤.

<<  <   >  >>