للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في نفسه أنه هلك، قال: سترتُها عليك في الدنيا، وأنا أغفرُها لك اليوم، فيُعطى كتاب حسناته» (١)، وقد حلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ثلاثة أشياء، ثم قال: «والرابعة لو حلفت عليها رجوت أن لا آثم: لا يستر الله عبدًا في الدنيا إلا ستره يوم القيامة» (٢)، فليستر نفسه كما ستره الله.

إن من كرامة المسلم على الله: أنه - سبحانه - يتولى الدفاع عنه بنفسه، والانتقام له من المسيء إليه، وفي ذلك يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا معشر مَن آمن بلسانه، ولم يدخُلِ الإيمان قلبه: لا تغتابوا المسلمين، ولا تتَّبِعوا عوراتهم، فإنه مَن يتَّبِع عوراتهم، يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته، يفضحه في بيته» (٣).

فاستُرْ إخوانك، فإنه لا طاقة لك بحرب الله، القادر على كشف عيوبك، وفضح ذنوبك، التي لا يعلمها الناس عنك، وأَلْجِم لسانك عن الخوض في الأعراض، وتتبع العورات، وإفساد صِيت إخوانك، وإساءة سمعتهم.

تجد النفس المريضة شغوفة بسماع العيوب، وتتبع السقطات، وتصدر المجالس في تجريح ذوي الهيئات، مع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بالتجاوز عن عثراتهم، ومع أن الله عز وجل «يحب الحياء ... والستر» (٤)، وكأنما قرن بين هذين الخلقين (الحياء والستر)؛ لأن الإنسان الذي ينشر


(١) صحيح البخاري - كتاب المظالم - باب ٢ - الحديث ٢٤٤١.
(٢) صحيح الجامع - الحديث ٣٠٢١ (صحيح) وهو في مسند أحمد ٦/ ١٤٥.
(٣) مسند أحمد ٤/ ٢٢٠، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم ٧٩٨٤.
(٤) مسند أحمد ٤/ ٢٢٤، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم ١٧٥٦.

<<  <   >  >>