للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

توفيق الله للعبد إلى حسن الخاتمة يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أراد الله بعبد خيرًا استعمله، قالوا: وكيف يستعملُه؟ قال: يُوفِّقه لعمل صالح قبل موته» (١)، وإن الإكثار من ذكر الموت والحساب ليُجدِّدُ الدافع لإصلاح العمل، ولعل الله يستعملنا في طاعته، ويُحسِن خاتمتنا.

لا يثبت لامرئٍ صدقُ سعيِه للشهادة بغير التضحية؛ لأن الجهاد يكون بالنفس والمال، وكلاهما يحتاج إلى جود وتضحية، فمَن لم يعُدَّ نفسه ليُقدِم ويعطي فكيف يحلم بالجنة؟! وَرَد عن بشير بن الخصاصية أنه جاء لمبايعة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأراد أن يستعفي من الالتزام بشرطين من شروط البيعة، فقال: (أما اثنتان، فوالله ما أُطِيقهما: الجهاد والصدقة، فإنهم زعموا أنه مَن ولى الدبر فقد باء بغضب من الله، فأخاف إن حضرت تلك جشعت نفسي، وكرهت الموت، والصدقة؛ فوالله ما لي إلا غنيمة وعشر ذود هن رسل أهلي وحمولتهم)، فعلَّل خوفه من الجهاد بالخوف من وقوعه في كبيرة الفرار، وعلَّل خوفه من الصدقة بقلة ما يملكه، فقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده، ثم حركها وقال: «فلا جهاد ولا صدقة، فلم تدخل الجنة إذًا؟!» يقول الصحابي: (فبايعتُ عليهن كلهن) (٢)، فالمسألة جد ولا تحتمل المساومة ولا التنازل.


(١) مسند أحمد ٣/ ١٠٦، وصححه الترمذي ووافقه الأرناؤوط: (جامع الأصول الحديث ٧٥٨٨). والألباني: (صحيح الجامع برقم ٣٠٥).
(٢) مسند أحمد ٥/ ٢٢٤، وفي أسد الغابة ١/ ٢٣٠: " .. فبم تدخل الجنة .. " في ترجمة بشير بن الخصاصية ط. كتاب الشعب.

<<  <   >  >>