للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا تضحية بغير جرأة، ولذلك عد من الشهداء مَن قتل دون دمه، أو عرضه، أو ماله كما في الحديث: «مَن قتل دون ماله فهو شهيد» (١) لتبقى روح رفض الظلم ومقاومته حية في النفوس، فإن لم يرزق صاحبها الشهادة لم يفته أجرها - بإذن الله -.

ثم كيف تحمل اسم المجاهد بغير بذل الجهد؟! إذ إن الجهاز بذل أكبر الطاقة وأقصى الجهد، وغاية الوسع في نصرة الإسلام، ويمثل هذا المعنى حديث ابن ماجه: «خير معايش الناس لهم: رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله، ويطير على متنِه، كلما سمع هَيْعَة أو فزعة طار عليه إليها، يبتغي الموت أو القتل مظانه ..» (٢).

وصورة أخرى للمجاهد الجاد في طلب الشهادة من غزوة خيبر؛ حيث قتل عامر بن الأكوع - خطأ - بارتداد سيفه على ركبته، فقال بعض الصحابة: (حبِط عمله) - لظنِّهم أنه قتل نفسه - فذهب أخوه سلمة بن الأكوع يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن له لأجرين - وجمع بين أصبعيه - إنه لجاهدٌ مجاهد، قلَّ عربي مشي بها مثله» (٣)، (قال ابن دريد: رجل جاهدٌ؛ أي: جادٌّ في أموره، وقال ابن التين: الجاهد مَن يرتكب المشقة) (٤)، وكانت شهادةً من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على نيلِه أجرَ القتل


(١) صحيح البخاري - كتاب المظالم - باب ٣٣ - الحديث ٤٨٠.
(٢) صحيح سنن ابن ماجه للألباني - كتاب الفتن - باب ١٣ - الحديث ٣٢١٢/ ٣٩٧٧ (صحيح).
(٣) صحيح البخاري - كتاب المغازي - باب ٣٨ - الحديث ٤١٩٦.
(٤) فتح الباري ٧/ ٤٦٧، عند شرحه للحديث ٤١٩٦.

<<  <   >  >>