للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في سبيل الله، وأجر الجد والنشاط فيه رغم المشقة، وهذا شأن المتحفِّزين للشهادة.

وصورة من غزوة أحد لأنس بن النضر الذي لم يُكتَب له حضور غزوة بدر، فعاهد ربه أن يعوض ما فاته: (لئن أشهدني الله مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليرين الله ما أجد)، وحضر غزوة أحد وتقدم بسيفه لما رأى الناس ينهزمون وقال لسعد بن معاذ: (أين يا سعد؟! إني لأجد ريح الجنة دون أحد، فمضى فقتل، فما عُرِف، حتى عرَفته أخته بشامةٍ أو ببنانه، وبه بضع وثمانون: من طعنة، وضربة، ورمية بسهم) (١)، وفي وصف شدة قتاله في أحد (قال سعد بن معاذ: فما استطعت يا رسول الله ما صنع ... ودل ذلك على شجاعة مفرطة في أنس بن النضير؛ بحيث إن سعد بن معاذ مع ثباته يوم أحد وكمال شجاعته ما جسر على ما صنع أنس بن النضر) (٢)، فلا تدَّخِر شيئًا من وقتك أو جهدك دون أن تنصر دينك على ثغرة من الثغرات، لتكون من الذين جاهدوا في الله حق جهاده، واستعدوا لمقام الشهادة.

ليس الموت هدفًا لذاته، ولا ابتغاء مظانِّ الموت انتحارًا، ولا تمني الشهادة يأسًا من الحياة، كما أنه ليس من الجبن أن تحتمي بخندق، ولا من التعلق بالحياة أن تستكمل الأسباب، ولا من الجرأة عدم التحرز من الأخطار.


(١) صحيح البخاري - كتاب المغازي - باب ١٧ - الحديث ٤٠٤٨.
(٢) فتح الباري ٧/ ٣٥٥، عند شرحه للحديث ٤٠٤٨.

<<  <   >  >>