للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحسن: «سيأتيكم أقوام يطلبون العلم، فإذا رأيتموهم فقولوا لهم: مرحبًا بوصية رسول الله، وأفتوهم» (١)، فليستوصِ العلماء بطلابِهم خيرًا، فإن ذلك يزيد المتعلِّمين توقيرًا وتقديرًا لمربِّيهم ومعلِّميهم.

وإن من أحوج ما ينبغي التذكيرُ به احترام ذوي سابقة الخير، فقد كان من وصية عمر - رضي الله عنه - قبل وفاته -: (أُوصِي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين خيرًا؛ أن يعرف لهم حقَّهم، وأن يحفظ لهم حرمتهم، وأوصيه بالأنصار خيرًا - الذين تبَّوؤا الدار والإيمان - أن يقبلَ من محسنهم، ويعفو عن مسيئهم) (٢)، فتجاوز عن زلَّة مَن سبقوك في ميدان الدعوة والجهاد، واحفظ لهم قدرهم ولا تنسَ لهم فضلهم.

يروي أنس أن جرير بن عبد الله كان يخدمه مع أنه أكبر منه سنًّا؛ لأن جريرًا هذا لم ينسَ إكرام الأنصار لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: (لا أجد أحدًا من الأنصار إلا أكرمته) (٣)، ويروي أحمد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبة: «وإن الأنصار عيبتي التي أويت إليها، فأكرموا كريمهم، وتجاوزوا عن مسيئهم» (٤)، وحين يتربَّى أبناء الأمة على إكرام ذوي السبق في الخيرات، والأقدمية في خدمة الإسلام، عندئذٍ يعم الوفاء بين الأجيال.

ومن صور الاحترام المحمودة إكرام الصغير لمن هو أكبر منه سنًّا، أو أكثر منه فضلًا، فإن ابن عمر لما عرف جواب سؤال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن


(١) صحيح الجامع - الحديث ٣٦٥١ (حسن).
(٢) صحيح البخاري - كتاب الجنائز - باب ٩٦ - الحديث ١٣٩٢ (الفتح ٣/ ٢٥٦).
(٣) صحيح البخاري - كتاب الجهاد - باب ٧١ - الحديث ٢٨٨٨ (الفتح ٦/ ٨٢).
(٤) مسند أحمد ٣/ ٥٠٠.

<<  <   >  >>