للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لتصير طبعًا انتهاءً، فإن كل صفة تظهر في القلب يفيض أثرها على الجوارح ... وكل فعل يجري على الجوارح فإنه قد يرتفع منه أثر إلى القلب) (١).

والصلاة نفسها وسيلة من وسائل غرس الإحسان في النفوس؛ لأنها تنهَى عن الفحشاء والمنكر ويدعو المؤمن فيها بالدعاء المأثور: «اللهم اهدِني لأحسن الأخلاق لا يَهْدي لأحسنِها إلا أنت، واصرِف عني سيِّئها لا يصرف عني سيِّئها إلا أنت» (٢).

وساحة الجهاد فرصة من فرص الارتقاء بالخلق وتهذيب الطباع والاستزادة في الإحسان، فقد جاء في سنن ابن ماجه: «يا أكثم، اغزُ مع غير قومك يحسن خلقك وتكرَّم على رفقائك» (٣)، وربما كان الخروج من التقوقع على النفس، والانخراط مع قوم آخرين في سبيل الله، فرصة للتأثر بخير ما عندهم، وتحسين الخلق بالتأسي بأفضل ما يظهر منهم، فالرفقة القصيرة غالبًا تُبدِي أحسن ما لدى الآخرين وتستر ما وراء ذلك من عيوب يظهرها طول العشرة.

ومن أسمى صور الإحسان - وهنيئًا لمن يصل إليها - أن تقابل الإساءة بالإحسان، وأن تكون مقتديًا بكل امرئ بخير ما فيه من خصال، روى البخاري عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قوله: (فإن أحسن الناس فأحسن معهم. وإذا أساؤوا فاجتنب إساءتهم) (٤).


(١) إحياء علوم الدين ٣/ ٥١.
(٢) صحيح مسلم - كتاب المسافرين - باب ٢٦ - الحديث ٧٧١.
(٣) مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه ٢/ ١١٨: (إسناده ضعيف، وله شاهد في صحيح ابن حبان وأبي داود والترمذي. وقال: حسن غريب).
(٤) صحيح البخاري - كتاب الآذان - باب ٥٦ - الحديث ٦٩٥ (موقوف على عثمان).

<<  <   >  >>