للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتخلَّقوا بنكران الجميل ونسيان المعروف، وحتى لا تموتَ المروءة في الناس، ولذلك يقول - صلى الله عليه وسلم -: «ومَن أتى إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه» (١).

ولكي تبقى دافعيةُ الإحسان قائمةً بين الناس، فإن البشر يُؤثِّر فيهم المكافأة على إحسانهم، ومن صور المكافأة المقابلة بالمثل، أو الدعاء لصاحب المعروف، أو الثناء على فعله: «ومَن لم يجد فليثنِ؛ فإن مَن أثنى فقد شكر ومَن كتم فقد كفر» (٢)، ومقابلة إحسان الناس ببرود ولا مبالاة يقتل فيهم المبادرة للإحسان، ويضعف عندهم التفكير في الآخرين، ويقتل المروءة والنجدة والنخوة، ويفشي السلبية والأثرة؛ لأن من طبيعة الإنسان أن تقوى اندفاعته بالشكر، وإن كان الأصل فيه ألا يبتغي شكرًا ولا جزاءً.

وحين ظنَّ المهاجرون أن الأنصار ذهبوا بالأجر كلَّه لما جادت به نفوسهم من الإنفاق على المهاجرين بين لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بابًا من الخير يقربهم من أجر الأنصار، عن أنس أن المهاجرين قالوا: «يا رسول الله، ذهبت الأنصار بالأجر كله، قال: لا، ما دعوتم الله لهم، وأثنيتم عليهم» (٣)، فعلمهم أن يكافئوا إحسان المحسن بالدعاء له، أو بالثناء عليه، وليس أمام فقير من وسيلة لمكافأة المحسن غير هاتين.


(١) مسند أحمد ٢/ ٦٨ وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود وصحيح سنن النسائي.
(٢) صحيح سنن الترمذي برقم ١٦٥٦ (حسن) وهو في صحيح سنن أبي داود برقم ٤٠٢٨.
(٣) صحيح سنن أبي داود ٣/ ٩١٣ - الحديث ٤٠٢٧ (صحيح).

<<  <   >  >>