للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الوَهَن قال: «حب الدنيا وكراهية الموت» (١)، وذلك الوهن هو الذي يجعل الأمة تستمرئ الذل وترضى بالدنية.

ثم كيف تكون قاصدًا منزلةَ الشهداء إن لم تكن صادق التوكل على الله؟!

يروي البخاري عن عائشة في أجر الصابر على الطاعون قوله - صلى الله عليه وسلم -: «... فليس من عبدٍ يقع الطاعون فيمكث في بلده صابرًا يعلم أنه لن يصيبه إلا ما كتبه الله له إلا كان له مثل أجر الشهيد» (٢).

ثم يعلق ابن حجر

فيقول: (صابرًا؛ أي: غير منزعج ولا قلق، بل مُسلِّمًا لأمر الله، راضيًا بقضائه - وهذا قيد في حصول أجر الشهادة لمن يموت بالطاعون - .. وقوله: يعلم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له - قيد آخر -) (٣).

وملاك الأمر كله في الاستعداد للشهادة الإخلاص وتجريد النية من الشوائب.

وتأمَّل هذه الصورة من غزوة خيبر لرجل يقاتل المشركين: (رجل لا يدع لهم شاذَّة ولا فاذَّة إلا اتبعها يضربها بسيفه، فقيل: ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان) (٤)، فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه في النار؛ لما يعلم من نفاقه، وتبعه صحابي فوجده لم يصبر على جراحه فقتل نفسه، ولذلك جاء في الحديث: «إن أكثر


(١) صحيح سنن أبي داود للألباني - كتاب الملاحم - باب ٥ - الحديث ٣٦١٠/ ٤٢٩٧ (صحيح).
(٢) صحيح البخاري - كتاب الطب - باب ٣١ - الحديث ٥٧٣٤.
(٣) فتح الباري ١٠/ ١٩٣، عند شرحه للحديث ٥٧٣٤.
(٤) صحيح البخاري - كتاب المغازي - باب ٣٨ - الحديث ٤٢٠٢.

<<  <   >  >>