للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجاء ثلاثة نفر إلى عبد الله بن عمرو بن العاص يشكون إليه حاجتهم للنفقة والدابة والمتاع فخيَّرهم: (إن شئتم رجعتم إلينا فأعطيناكم ما يسر الله لكم، وإن شئتم ذكرنا أمركم للسلطان، وإن شئتم صبرتم فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنة بأربعين خريفًا» قالوا: (فإنا نصبر لا نسأل شيئًا) (١).

ويعين المرء على الصبر والثبات تذكُّر سير الصالحين والتأسِّي بهم، فحين ذُكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن رجلًا قدح في قسمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يرحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر» (٢)، وقد وجَّهه القرآن إلى هذا المعنى {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: ٣٥].

ويهون على النفس استقبال البلاء وتلقِّي المحن، حين تعلم أن البلاء والصبر على قدر صلابة الدين وقوته، سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي الناس أشد بلاءً؟ فقال: «الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى العبد على حسب دينه؛ فإن كان في دينه صلبًا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتُلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه من خطيئة» (٣).

وفي حديث آخر: «لقد كان أحدهم


(١) صحيح مسلم - أول كتاب الزهد - الحديث ٣٧/ ٢٩٧٩. وانظر (شرح النووي ٩/ ٣٢٠ - ٣٢١).
(٢) صحيح البخاري - كتاب الأنبياء - باب ٢٨ - الحديث ٣٤٠٥ (فتح الباري ٦/ ٤٣٦).
(٣) صحيح سنن ابن ماجه للألباني - كتاب الفتن - باب ٢٣ - الحديث ٣٢٤٩ (حسن صحيح).

<<  <   >  >>