للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُبتلى بالفقر حتى ما يجد إلا العباءة يجوبها فيلبسها، ويبتلى بالقمل حتى يقتله. ولأحدهم كان أشد فرحًا بالبلاء من أحدكم بالعطاء» (١).

وحين يعلم الصابر ما يُزِيحه الصبر عن كاهله من الذنب؛ يكون أكثر طمعًا في رحمة الله، وأكثر رضًا بقدر الله، فبعض الناس ليس لهم أعمال صالحة يداومون عليها ترفع درجاتهم، يصلون إلى المراتب العليا بالصبر: «إن الرجل ليكون له المنزلة عند الله فما يبلغها بعمل، فلا يزال الله يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها» (٢) وهؤلاء يغبطهم أهل نعيم الدنيا على ما هم فيه «ليودُّن أهل العافية يوم القيامة أن جلودهم قُرِضت بالمقاريض مما يرون من ثواب أهل البلاء» (٣) هذا عدا معية الله للصابرين {... وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: ٤٦].

وعدا وفاء الله بوعده لعباده الصابرين {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} [الروم: ٦٠، غافر: ٥٥، ٧٧].

وكم يهون عليك الصبر حين تتفكر في جرأة العباد على ربهم، ثم في كرم الله معهم: «ما أحد أصبر على أذى يسمعه من الله تعالى: إنهم يجعلون له ندًّا، ويجعلون له ولدًا، وهو مع ذلك يرزقهم ويعافيهم ويعطيهم» (٤).

كما يهون علينا الصبر حين نتذكر أن أعداءنا يألَمون كما نألَم، يقول سيد قطب - رحمه الله -:

(وإذا كان الباطل يصر ويصبر ويمضي في الطريق، فما أجدر الحق أن يكون أشد إصرارًا


(١) صحيح الجامع برقم ٩٩٥ (صحيح).
(٢) صحيح الجامع برقم ١٦٢٥ (حسن).
(٣) صحيح الجامع برقم ٥٤٨٤ (حسن).
(٤) صحيح مسلم - كتاب المنافقين - باب ٩ - الحديث ٥٠/ ٢٨٠٤ (شرح النووي ٩/ ١٥٢).

<<  <   >  >>