ويقال ثالثاً: لو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الساقي لكان آخر الناس شرباً، بل كان هو المسقي - صلى الله عليه وسلم - لما زار من زار من أصحابه بينما لما جاءه أهل الصفة شرب آخرهم بأبي هو وأمي - صلى الله عليه وسلم - لأنه هو الساقي وقد قال: ساقي القوم آخرهم شرباً فالساقي في الحقيقة المُضِيف وبهذا يحل الاشكال بالكلية.
ومن آداب الشرب التي لم يذكرها المؤلف - رحمه الله -: النهي عن الشرب من ثُلمة القدح, وقد جاء فيه الخبر من حديث أبي سعيد - رضي الله عنه -: أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الشرب من ثلمة القدح. (١)
وعامة أهل العلم على أن النهي للكراهة، ومنهم من قال: يحرم.
والثلمة: هي الكسر والخدش الذي يكون بيّناً, أما الصغير جداً الذي قد لا يكاد يرى, فهذا لا يتعلق به حكم.
واختُلف في علة النهي, فقال بعضهم: أن العلة في هذا أن الأوساخ عادةً تجتمع في هذه الثلمة, فنُهي عن مباشرتها بالشفة, وقال بعضهم: بل العلة خشية الأذى, لأن الثلمة عادةً تكون كسراً غير منضبط, فقد يشق شفة الشارب أو يجرحه.
(١) أخرجه أحمد (رقم:١١٧٧٧) وأبو داود (رقم:٣٧٢٤) وابن حبان (رقم:٥٣١٥).