فقال بعضهم: ينقطع بموت صاحب السر، والصحيح في هذا التفصيل:
فإذا كان السر متعلقاً بكرامة للميت, أو تزكية له، فالأشبه أنه يجوز إفشاؤه؛ لأنه لا مضرة فيه, وسواءً كره صاحب السر هذا الإفشاء أو لم يكره؛ لأنه كان يخشى أن يتحدث به في حياته فيفتتن به صاحب السر, فلما مات أمن هذا الشيء، ومن هذا عامة ما ينقل من الثناء على الصالحين من قصصهم وأخبارهم، فقد تحدث بها بعد موتهم، وكان أصحابها يكرهون نشرها في حياتهم.
وأما ما يكره مطلقاً وقد يحرم, وهو الذي عليه فيه ضرر أو غضاضة.
وهناك قسم ثالث من الأسرار: فهو الذي يجب إفشاؤه بعد الموت؛ كما لو أباح بحق عليه كان يعذر بترك القيام به في حياته, فزالت المفسدة بموته, حتى يقوم بهذا الحق غيره.
وقد تمسك بعضهم بالإخبار بالسر بعد الموت بأن عمر - رضي الله عنه - استفهم حذيفة عن أسماء المنافقين, ثم قال لحذيفة: أسألك بالله هل عدني النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم؟ فلما ألح عمر على حذيفة, قال حذيفة - رضي الله عنه -: لا, ولا أزكي