دلالة الأثرين، فلا يقولون بمقتضاهما من كل وجه، ففرق بين التعاهد (لزوم التقبيض)، وبين الأخذ في الحين بعد الآخر، أو في الحج أو العمرة، فمن لم يفهم هذا فليسكت، وأعظم من هذا الدعوة إلى التقبيض وأعظم منه الإنكار على من تركه وهذه من طوام الخلف ومتفقهة هذا الزمان، فواعجباً
المذهب الثالث في هذه المسألة: أنه يجوز أخذ ما شذ ونفر وآذى من اللحية, وهذا لا ينافي الإعفاء في الحد والحقيقة فهو راجع إلى القول الأول، وهذا الذي بيّنه فعل السلف والأئمة كالإمام أحمد وغيره, فالمنقول عن السلف قولان التقبيض أحياناً، وهذا القيد لابد منه أعني أحياناً، وهذا القول الذي حكيته أخيراً، فصار خلاصة مذهب السلف في المسألة قولان سائغان وإن كان أحدهما أرجح من الآخر، أما القول بأن أخذ شعرة واحدة محرم فهذا فيه نظر, بل لا يصح، فيجوز للإنسان أن يأخذ من شعر لحيته ما علم أنه زائد وشاذ, أو كانت لحيته طويلة تدخل في طعامه وشرابه, دون التقصيص الكثير الذي ينافي الإعفاء, فمتى كان القص منافياً للإعفاء حرُم، ومما يجلي ذلك، وتقدم ذكره حديث المغيرة السابق وأن شاربه قد وفى: أي طال فتأمل هذه اللفظة مع قوله - صلى الله عليه وسلم -: أوفوا: أي طوِّلوا، فدلّ على أن القص ينافي التوفية وكذا ما ثبت في الصحيحين «جزوا الشوارب» و «قصوا الشوارب» و «أعفوا اللحى» يدل على أن