ذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ الْبُرْجِيُّ الْمُسْتَمْلِيُّ، وَأَخْبَرَنِيهِ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الْحُسَيْنَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْوَثَّابِيَّ يَقُولُ: رَأَيْتُ هَذَا السِّجِلَّ، يَعْنِي عَهْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ بِشِيرَازَ فِي يَدِ سِبْطٍ لِغَسَّانَ بْنِ زَاذَانَ بْنِ شَاذَوَيْهِ بْنِ مَاهْ بنداذ بْنِ مابنداز فَرُّوخَ أَخِي سَلْمَانَ بِخَطِّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مَخْتُومٌ بِخَاتَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَسَخْتُ مِنْهُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ سَأَلَهُ سَلْمَانُ وَصِيَّةً بِأَخِيهِ مابنداذ فَرُّوخَ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَعَقِبِهِ مِنْ بَعْدِهِ مَا تَنَاسَلُوا، مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ، أَوْ أَقَامَ عَلَى دِينِهِ، سَلَامُ اللَّهِ، أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي أَمَرَنِي أَنْ أَقُولَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، أَقُولُهَا وَآمُرُ النَّاسَ بِهَا، وَإِنَّ الْخَلْقَ خَلْقُ اللَّهِ، وَالْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ خَلَقَهُمْ، وَلُغَاتِهِمْ، وَهُوَ يُنْشِئُهُمْ، وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ، وَإِنَّ كُلَّ أَمْرٍ يَزُولُ، وَكُلَّ شَيْءٍ يَبِيدُ وَيَفْنَى، وَكُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ، مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ كَانَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ تُرْعَةُ الْفَائِزِينَ، وَمَنْ أَقَامَ عَلَى دِينِهِ تَرَكْنَاهُ، فَلَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ، فَهَذَا كِتَابٌ لِأَهْلِ بَيْتِ سَلْمَانَ، إِنَّ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ، وَذِمَّتِي عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ فِي الْأَرْضِ الَّتِي يُقِيمُونَ فِيهَا، سَهْلِهَا وَجَبَلِهَا، وَمَرَاعِيهَا وَعُيُونِهَا، غَيْرَ مَظْلُومِينَ، وَلَا مُضَيَّقٍ عَلَيْهِمْ، فَمَنْ قُرِئَ عَلَيْهِ كِتَابِي هَذَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَحْفَظَهُمْ وَيَبِرَّهُمْ، وَلَا يَتَعَرَّضَ لَهُمْ بِالْأَذَى وَالْمَكْرُوهِ، وَقَدْ رَفَعْتُ عَنْهُمْ جَزَّ النَّاصِيَةِ، وَالْجِزْيَةَ، وَالْحَشْرَ، وَالْعُشْرَ، وَسَائِرَ الْمُؤَنِ وَالْكَلَفِ، ثُمَّ إِنْ سَأَلُوكُمْ فَأَعْطُوهُمْ، وَإِنِ اسْتَعَانُوا بِكُمْ فَأَعِينُوهُمْ، وَإِنِ اسْتَجَارُوا بِكُمْ فَأَجيرُوهُمْ، وَإِنْ أَسَاءُوا فَاغْفِرُوا لَهُمْ، وَإِنْ أُسِيءَ إِلَيْهِمْ فَامْنَعُوا عَنْهُمْ، وَلَهُمْ أَنْ يُعْطَوْا مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِائَتَيْ حُلَّةٍ فِي شَهْرِ رَجَبٍ، وَمِائَةَ حُلَّةٍ فِي ذِي الْحِجَّةِ، فَقَدِ اسْتَحَقَّ سَلْمَانُ ذَلِكَ مِنَّا، لِأَنَّ اللَّهَ فَضَّلَ سَلْمَانَ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَنْزَلَ عَلَيَّ فِي الْوَحْيِ أَنَّ الْجَنَّةَ إِلَى سَلْمَانَ أَشْوَقُ مِنْ سَلْمَانَ إِلَى الْجَنَّةِ، وَهُوَ ثِقَةٌ، وَأَمِينٌ، وَتَقِيُّ، نَقِيُّ، نَاصِحٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ، وَسَلْمَانُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ، فَلَا يُخَالِفَنَّ أَحَدٌ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ فِيمَا أُمِرْتُ بِهِ مِنَ الْحِفْظِ وَالْبِرِّ لِأَهْلِ بَيْتِ سَلْمَانَ، وَذَرَارِيِّهِمْ، مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ، أَوْ أَقَامَ عَلَى دِينِهِ، وَمَنْ خَالَفَ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ فَقَدْ خَالَفَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَعَلَيْهِ اللَّعْنَةُ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَمَنْ أَكْرَمَهُمْ فَقَدْ أَكْرَمَنِي، وَلَهُ عِنْدَ اللَّهِ الثَّوَابُ، وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ آذَانِي، وَأَنَا خَصْمُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جَزَاؤُهُ نَارُ جَهَنَّمَ، وَبَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّتِي، وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ " وَكَتَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَحَضَرَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَسَعْدٌ وَسَعِيدٌ وَسَلْمَانُ وَأَبُو ذَرٍّ وَعَمَّارٌ وَعُيَيْنَةُ وَصُهَيْبٌ وَبِلَالٌ وَالْمِقْدَادُ، وَجَمَاعَةٌ آخَرُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَذَكَرَهُ أَيْضًا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ بَعْضِ مَنْ عُنِيَ بِهَذَا الشَّأْنِ، أَنَّ رَهْطًا مِنْ وَلَدِ أَخِي سَلْمَانَ بِشِيرَازَ، زَعِيمُهُمْ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: غَسَّانُ بْنُ زَاذَانَ مَعَهُمْ هَذَا الْكِتَابُ بِخَطِّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي يَدِ غَسَّانَ، مَكْتُوبٌ فِي أَدِيمٍ أَبْيَضَ مَخْتُومٌ بِخَاتَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَاتَمِ أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَلَى هَذَا الْعِقْدِ حَرْفًا بِحَرْفٍ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَكَتَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ عُيَيْنَةَ مَعَ الْجَمَاعَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute