إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَاذَانَ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، قَالَا: ثنا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَارِئُ، ثنا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، ثنا شُعَيْبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا سَيْفُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، وَطَلْحَةَ، وَالْمُهَلَّبِ، وَعَمْرٍو، وَسَعِيدٍ، قَالُوا: كِتَابُ صُلْحِ أَصْبَهَانَ: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، كِتَابٌ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ للفاذوسفان وَأَهْلِ أَصْبَهَانَ وَحَوَالَيْهَا: إِنَّكُمْ آمِنُونَ مَا أَدَّيْتُمُ الْجِزْيَةَ، وَعَلَيْكُمْ مِنَ الْجِزْيَةِ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِكُمْ، عَلَى كُلِّ سَنَةٍ تُؤَدُّونَهَا إِلَى الَّذِي يَلِي بِلَادَكُمْ، عَلَى كُلِّ حَالِمٍ، وَدِلَالَةُ الْمُسْلِمِ، وَإِصْلَاحُ طَرِيقِهِ، وَقِرَاهُ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ، وَحُمْلَانُ الرَّاجِلِ إِلَى مَرْحَلَةٍ، وَلَا تَسَلَّطُوا عَلَى مُسْلِمٍ، وَلِلْمُسْلِمِينَ نُصْحُكُمْ، وَأَدَاءُ مَا عَلَيْكُمْ، وَلَكُمُ الْأَمَانُ مَا فَعَلْتُمْ، فَإِذَا غَيَّرْتُمْ شَيْئًا، أَوْ غَيَّرَهُ مُغَيِّرٌ مِنْكُمْ لَمْ تُسْلِمُوهُ فَلَا أَمَانَ لَكُمْ، وَمَنْ سَبَّ مُسْلِمًا بَلَغَ مِنْهُ فَإِنْ ضَرَبَهُ قَتَلْنَاهُ"، وَكَتَبَ وَشَهِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَرْقَاءَ وَعِصْمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَلَمَّا قَدِمَ الْكِتَابُ مِنْ عُمَرَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَأَمَرَهُ فِيهِ بِاللِّحَاقِ بِسُهَيْلِ بْنِ عَدِيٍّ بِكَرْمَانَ خَرَجَ فِي جَرِيدَةِ خَيْلٍ وَاسْتَخْلَفَ السَّائِبَ فَلَحِقَ بِسُهَيْلٍ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى كَرْمَانَ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ:
[البحر الوافر]
أَلَمْ تَسْمَعْ وَقَدْ أَوْدَى ذَمِيمَا ... بِمُنْعَرَجِ السَّرَاةِ مِنَ اصْبَهَانِ
عَمِيدُ الْقَوْمِ إِذْ سَارُوا إِلَيْنَا ... بِشَيْخٍ غَيْرِ مُسْتَرْخِي الْعَنَانِ
فَسَاجَلَنِي وَكُنْتُ بِهِ كَفِيلًا ... فَلَمْ يَثْبُتْ وَخَرَّ عَلَى الْجِرَانِ
بِرُسْتَاقٍ لَهُ يُدْعَى إِلَيْهِ ... طِوَالَ الدَّهْرِ فِي عَقِبِ الزَّمَانِ
نَزَلْتُ بِهِ وَقَدْ شَرِقَتْ ذُيُولِي ... بِمُعْضِلَةٍ مِنَ الْحَرْبِ الْعَوَانِ
وَكُنْتُ زَعِيمَهَا حَتَّى تَرَاخَتْ ... وَلَمْ يُعْنَى بِهَا أَحَدَ مَكَانِي
وَقَالَ أَيْضًا فِي يَوْمِ جَيٍّ:
[البحر الطويل]
مَنْ مُبْلِغُ الْأَحْيَاءِ عَنِّي فَإِنَّنِي ... نَزَلْتُ عَلَى جَيٍّ وَفِيهَا تَفَاقُمُ
حَصَرْنَاهُمْ حَتَّى سَرَوْا ثُمَّتَ انْتَزَوْا ... فَصَدَّهُمْ عَنَّا الْقَنَا وَالْقَوَاصِمُ
وَجَادَ لَهَا الفاذُوسَفانُ بِنَفْسِهِ ... وَقَدْ دُهْدِهَتْ بَيْنَ الصُّفُوفِ الْجَمَاجِمُ
فَبَارَزْتُهُ حَتَّى إِذَا مَا عَلَوْتُهُ ... تَفَادَى وَقَدْ صَارَتْ إِلَيْنَا الْخَزَائِمُ
وَعَادَتْ لَقُوحَا أَصْبَهَانَ بِأَسْرِهَا ... تُدَرُّ لَنَا مِنْهَا الْقُرَى وَالدَّرَاهِمُ
وَإِنِّي عَلَى عَمْدٍ قَبِلْتُ جَزَاءَهُمْ ... غَدَاةَ تَفَادَوْا وَالْفِجَاجُ قَوَاتِمُ
لِيَزْكُو لَنَا عِنْدَ الْحُرُوبِ جِهَادُنَا ... إِذَا انْتَطَحَتْ فِي النَّخْلَتَيْنِ الْهَمَاهِمُ
إِلَى هُنَا سِيَاقُ رِوَايَةِ شُعَيْبٍ عَنْ سَيْفٍ وَذَكَرَ الْمَدَائِنِيُّ أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ صَاحِبَ الدَّوْلَةِ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ فِي مُسَافَرَتِهِ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَبِي الْعَبَّاسِ، وَذَكَرَ لَهُ فُتُوحَ الْبُلْدَانِ: خَبِّرْنِي عَنِ الَّذِي تَوَلَّى فَتْحَ بَلَدِنَا أَصْبَهَانَ، فَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْنَا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ: تَوَلَّى فَتْحَ بَلَدِكُمُ الْعَبَادِلَةُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِتْبَانَ الْأَنْصَارِيَّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ وَرْقَاءَ الْأَسَدِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَرْقَاءَ الرِّيَاحِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ كَرِيزٍ الْقُرَشِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ، كُلُّ هَؤُلَاءِ قَدْ حَضَرُوا فَتْحَهَا وَفَتْحَ أَطْرَافِهَا، مِنْهُمْ مَنْ كَانَ أَمِيرَ الْجَيْشِ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ رَئِيسَ سَرِيَّةٍ أَوْ صَاحِبَ مُقَدَّمَةٍ وَذَكَرَ غَيْرُ الْمَدَائِنِيِّ فِي وُلَاةِ فَتْحِهَا عَمْرَو بْنَ مَرْحُومٍ الْغَاضِرِيَّ، وَالْأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ التَّمِيمِيَّ، وَمُجَاشِعَ بْنَ مَسْعُودٍ السُّلَمِيَّ، وَالسَّائِبَ بْنَ الْأَقْرَعِ الثَّقَفِيَّ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ مُخْتَلِفُونَ فِي فَتْحِهَا، فَادَّعَى الْكُوفِيُّونَ فَتْحَهَا عِنْدَ الْكُوفَةِ وَادَّعَى الْبَصْرِيُّونَ فَتْحَهَا عِنْدَ الْبَصْرَةِ، وَرَوَى كُلُّ وَاحِدٍ رِوَايَةً يُصَحِّحُ بِهَا دَعْوَاهُمْ فَادَّعَى الْبَصْرِيُّونَ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُمْ