وإذا علم أن زلاَّت العلماء من هوادم الإسلام، وأنه يجب اجتنابها والتَّحذير منها؛ فليعلم أيضا أن من أعظم زلات العلماء وأشدها خطراً على المفتين والمستفتين ما يكون مبنياً على الآراء المخالفة للكتاب والسنة، وما أكثر الواقعين في ذلك في زماننا!
وبعض هؤلاء إذا نُبِّهوا على أخطائهم المخالفة للأدلَّة الصريحة من الكتاب والسنة؛ لم يرجعوا إلى الحق، ولم يبالوا بالإصرار على الخطأ، ولا شك أن هؤلاء قد تعرَّضوا للوعيد على الإصرار على الأفعال السيئة، وهو ما جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال وهو على المنبر: «ويل للمصرِّين الذين يصرُّون على ما فعلوا وهم يعلمون»، رواه الإمام أحمد وعبد بن حميد، وإسناد كل منهما جيد، ورواه أيضا البخاري في «الأدب المفرد».
وقد قال البيهقي في «السنن الكبرى»: «باب: من اجتهد ثم رأى أن اجتهاده خالف نصاً أو إجماعاً أو ما في معناه؛ ردَّه على نفسه وعلى غيره».
ثم روى حديث عائشة رضي الله عنها؛ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه؛ فهو رد».
رواه البخاري في «الصحيح» ومسلم.
وروى أيضا عن سفيان عن إدريس الأودي؛ قال:«أخرج إلينا سعيد ابن أبي بردة كتاباً، فقال هذا كتاب عمر إلى أبي موسى رضي الله عنهما: أما بعد؛ لا يمنعك قضاء قضيته بالأمس راجعت الحق؛ فإن الحق قديم، لا يبطل الحق شيء، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل».