وقد كان السلف الصالح يعظَّمون الأحاديث الصحيحة غاية التعظيم، ويبالغون في الإنكار على الذين يتهاونون بها، وعلى الذين يعارضونها بأقوال الناس وآرائهم، وربما هجروا بعضهم إلى الممات.
وقد روى مسلم في «صحيحه» عن سالم بن عبد الله بن عمر أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تمنعوا نساءكم المساجد إذا استأذنَّكم إليها»، قال: فقال بلال بن عبد الله: والله لنمنعهنَّ، قال: فأقبل عليه عبد الله، فسبَّه سبّاً سيئاً ما سمعتُه سبَّه مثله قط، وقال: أخبرك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: والله لنمنعهنَّ؟!.
وفي رواية له عن مجاهد:«أنَّه ضرب في صدره».
وقد روى البخاري المرفوع منه فقط.
ورواه: الإمام أحمد؛ وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والدارمي، وغيرهم؛ بنحو رواية مسلم.
وروى أبو داود الطيالسي رواية مجاهد، وقال:«فرفع يده، فلطمه، فقال: أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول هذا؟!».
وفي رواية لأحمد:«فما كلَّمه عبد الله حتى مات».
قال النووي:«فيه تعزير المعترض على السنة، والمعارض لها برأيه، وفيه تعزير الوالد ولده، وإن كان كبيراً» انتهى.
وفيه أيضاً جواز التأديب بالهجران، قاله الحافظ ابن حجر.