وروى ابن المنذر عن أبي عبد الرحمن السلمي؛ قال: قال عمر بن الخطاب» «لا تغالوا في مهور النساء». فقالت امرأة: ليس ذلك لك يا عمر؛ إن الله يقول:{وآتيْتُمْ إحْداهُنَّ قِنْطاراً مِنْ ذَهَبٍ} - قال: وكذلك هي في قراءة عبد الله بن مسعود - {فلا يحلُّ لكُمْ أنْ تأْخُذوا منه شيئاً}، فقال عمر:«إن امرأة خاصمت عمر فخَصَمَتْهُ».
وروى الزبير بن بكار عن عمه مصعب بن عبد الله عن جده؛ قال: قال عمر بن الخطاب: «لا تزيدوا في مهور النساء على أربعين أوقية، وإن كانت بنت ذي القصة - يعني: يزيد بن الحصين الحارثي -، فمَن زاد؛ ألقيت الزيادة في بيت المال»، فقالت امرأة من صُفَّة النساء طويلة في أنفها فطس: ما ذاك لك، قال:«ولِمَ؟»، قالت: إنَّ الله قال: {وآتيْتُمْ إحْداهُنَّ قِنْطاراً فلا تأْخُذوا منه شيئاً}، فقال عمر:«امرأة أصابت، ورجل أخطأ».
وقد رواه عبد البر في كتابه «جامع بيان العلم وفضله» بنحوه.
فليتأمل المصرون على الأخطاء في الفتيا ما جاء عن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الحث على مراجعة الحق إذا تبيَّن، وقوله:«إن مراجعة الحق خير من التَّمادي في الباطل».
وليتأملوا أيضاً ما ثبت عنه من الرجوع إلى قول المرأة في جواز الإكثار من الصداق، واعترافه بإصابة المرأة وخطئه، وهذا من تواضعه وإنصافه من نفسه وتلقيه للحق ممَّن جاء به من ذكر أو أنثى، وتعظيمه لما جاء عن الله تعالى.
وهذا بخلاف حال بعض المفتين في زماننا؛ فإنهم يأنفون من الرجوع عن أخطائهم في الفتاوى، ويرون في ذلك غضاضة عليهم، وهذا أمر خطير جدّاً، ويخشى على فاعله أن يُصاب بالزيغ والضلال؛ لأن الله