فأما إسكاره؛ فقد ثبت عن بعض الذين يشربونه أنهم سكروا منه، وأخبرني بذلك رجل عن نفسه.
وأما تفتيره؛ فهو في المدخنين أكثر من الإسكار، وقد ذكر لنا أن ذلك يحصل لبعض المدخنين إذا شربوا الدخان عند الإفطار من الصيام.
وقد ذكر العلماء لتحريم الدخان عللاً كثيرة، وقد ذكرتُها في كتاب «الدلائل الواضحات»؛ فلتراجع هناك.
وقال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين:«الذي نرى فيه التحريم لعلتين: إحداهما: حصول الإسكار فيما إذا فقده شاربه مدة ثم شربه وأكثر، وإن لم يحصل إسكار؛ حصل تخدير وتفتير، وروى الإمام أحمد حديثاً مرفوعاً: أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن كل مسكر ومفتِّر، والعلة الثانية: أنه منتن، مستخبث عند من لم يعتده، واحتجَّ العلماء بقوله:{ويُحرَّمُ عَلَيْهِمُ الخَبائِثَ}، وأما مَن ألفه واعتاده؛ فلا يرى خبثه؛ كالجعل لا يستخبث العذرة» انتهى كلامه.
ومن أخبث أنواع الدخان ما يسمى بالجراك والشيشة، وهو أشد نتناً من العذرة، ومع هذا يستلذُّه المفتونون به كما يستلذُّ الجُعل تقليب العذرة بفمه وأنفه، وكما تستلذُّ الجلَّالة أكل العذرة.
ومن الخبائث التي يستطيبها كثير من السفهاء الذين أغواهم الشيطان وحبَّب إليهم الفسوق والعصيان مضغ أوراق القات، وما يسمى بالسويكة، ويسمى في البلاد اليمنية البردقان، وهو من مسحوق التبغ، وبعضهم يستعمله نشوقاً، ويسمونه الشمة.
وهذه الخبائث يحصل منها التخدير والتفتير لمن يستعملها، وربما