وأما وجوب الحكم بالزيادة لهذه الجهة، فكنحو قولهم:«بحسبك أن تفعل»، و: كَفى بِاللَّهِ [سورة النساء: ٦، وآيات أخر]، إن لم تقض بزيادة «الباء»، لم تجد للكلام وجها تصرفه إليه، وتأويلا تتأوله عليه البتة، فلا بدّ لك من أن تقول: إن الأصل: «حسبك أن تفعل»، و «كفى الله»، وذلك أن «الباء» إذا كانت غير مزيدة، كانت لتعدية الفعل إلى الاسم، وليس في «بحسبك أن تفعل» فعل تعدّيه الباء إلى حسبك. ومن أين يتصوّر أن يتعدّى إلى المبتدأ فعل، والمبتدأ هو المعرّى من العوامل اللفظية؟ وهكذا الأمر في «كفى» أو أقوى، وذلك أن الاسم الداخل عليه الباء في نحو:«كفى بزيد»، فاعل كفى، ومحال أن تعدّي الفعل إلى الفاعل بالباء أو غير الباء، ففي الفعل من الاقتضاء للفاعل ما لا حاجة معه إلى متوسّط وموصل ومعدّ، فاعرفه، والله أعلم بالصواب.
تم بعون الله وتوفيقه طبع كتاب (أسرار البلاغة) للإمام عبد القاهر الجرجاني