للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفرق بين التشبيه والتمثيل]

وإذ قد عرفت الفرق بين الضّربين، فاعلم أن التشبيه عامّ والتمثيل أخصّ منه، فكل تمثيل تشبيه، وليس كلّ تشبيه تمثيلا، فأنت تقول في قول قيس بن الخطيم:

[من الطويل]

وقد لاح في الصّبح الثريّا لمن رأى ... كعنقود ملّاحيّة حين نوّرا (١)

«إنّه تشبيه حسن»، ولا تقول: «هو تمثيل»، وكذلك تقول: «ابن المعتزّ حسن التشبيهات بديعها»، لأنك تعني تشبيهه المبصرات بعضها ببعض، وكلّ ما لا يوجد الشبه فيه من طريق التأوّل، كقوله: [من الطويل]

كأنّ عيون النّرجس الغضّ حولها ... مداهن درّ حشوهنّ عقيق (٢)

وقوله: [من الكامل]

وأرى الثّريّا في السّماء كأنّها ... قد تبدّت من ثياب حداد (٣)

وقوله: [من مجزوء الخفيف]

وتروم الثّريا ... في الغروب مراما

كانكباب طمرّ ... كاد يلقى اللّجاما (٤)

وقوله: [من المنسرح]


(١) البيت هو في الأغاني لأبي قيس بن الأسلت. الأغاني: ١٧/ ١٣٤. وفي لسان العرب لأبي قيس أيضا، مادة: (ملح). والملّاحية: الملّاحي بالضم وتشديد اللام: ضرب من العنب أبيض في حبه طول، وهو من الملحة. [لسان العرب: ملح].
(٢) البيت لابن المعتز، (وهو غير موجود في ديوانه طبعة دار صادر). المداهن: جمع مدهن: وهو آلة الدهن، وهو أحد ما شذّ من هذا الضرب على مفعل مما يستعمل من الأدوات. الليث: المدهن كان في الأصل مدهنا فلما كثر الاستعمال ضموه. [لسان العرب: دهن].
(٣) البيت لابن المعتز في ديوانه ١٧٧ (طبعة دار صادر) وقبله:
قم يا نديمي نصطبح بسواد ... قد كان يبدو الصبح أو هو باد
وأرى الثريا .......... ... .................
(٤) البيتان لابن المعتز في ديوانه ص ٤٠٢، وصيغتهما والبيت قبلهما (طبعة دار صادر):
يا خليليّ هبّا ... واسقياني المداما
إذ تروم الثريّا ... في الغروب مراما
كاسيات طمرّ ... كاد يلقى اللجاما
والطّمرّ: بتشديد الراء، الطمرير والطمرور: الفرس الجواد وقيل: المشمّر الخلق، وقيل: المستفزّ للوثب والعدو، وقيل: هو الطويل القوائم الخفيف، وقيل: المستعدّ للعدو، والأنثى: طمرّة.
[لسان العرب: طمر].

<<  <   >  >>