للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ألا فليعلم المسلمون أينما كانوا، أنهم في اليوم الذي يتحققون فيه بمعاني الإسلام على وجهه الصحيح، بدءاً من أعماق أفئدتهم الى ظاهر أحوالهم، ستتفتح أبواب الإسلام على مصاريعها أمام شعوب أوربا وأمريكا كلها، وسوف يدخلون في دين الله أفواجاً، كما دخلوا فيه من قبل أفواجاً.

فأما، والمسلمون على هذه الحالة التي هم عليها، فإن جهود الدعوة كلها، يجب أن تنصرف إلى إصلاح حالهم هم؛ وكل حديث يصطنع التباكي على الإسلام في ربوع أوربا أو أقاصي أمريكا أو أعماق أفريقيا، دون التفات جاد الى واقع المسلمين أنفسهم لا بد ان يكون مرده إما إلى سذاجة متناهية في معالجة الأمور المترابطة بعضها ببعض، وأما إلى كيد خبيث، يستهدف شغل المسلمين عن البلاء المنتشر فيما بينهم، وصرف طاقاتهم لتتبدد في الفضاء ثم لا تعود الى أصحابها بشيء.

...

الشرط الثالث: أن يتبصر الداعي الى الاسلام بالأحكام الإسلامية المتعلقة بالدعوة وآدابها، فلا يجعل من عواطفه وحدها ميزاناً يحتكم اليه، ثم يخوض فجاج الدعوة على اساس من تلك العواطف، زاعماً أنه يدعو إلى الله ويجاهد في ذلك الجهاد الأكبر.

إن الذي يقوم بإعمال الدعوة الإسلامية، معتمداً على هذا الزاد وحده (أي زاد عاطفته الدينية التي يعتز بها) يفسد أكثر مما يصلح، ويسيء أكثر مما يحسن، وربما أبعد الناس عن الإسلام من حيث يريد أن يقربهم إليه.

وبتعبير آخر نقول: الشرط الثالث أن يتمسك الداعي إلى الإسلام بالضوابط والقواعد التي نذكرها في هذا الكتاب مجملة، وعليه أن يسعى إلى معرفة تفاصيلها في مظانها من المصادر والمراجع الأخرى.

وسنجمل هذه الضوابط والأحكام في الفصول التالية بتوفيق الله عز وجل.

<<  <   >  >>