للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المنكرات وحذر منها، وحرص على إزالتها. فعَدَمُ إنكاره ذلك دليلٌ على أنه رأَى توجُّه فرضِ عمارةِ ذلك وما شاكله للسلطان دون غيره.

وقد ذكر الشيخ ابن حجر الهيتمي في رسالته نظير ذلك في أول المقدمة فقال ما لفظه: (وما يقال: يحتمل أنهم كانوا -يعني جماعة القضاة بمكة إذ ذاك- مُكرَهِين فهو فاسد!، وما الحاملُ للإِمام الفاسيّ على أن يحضر هو والقضاةَ مكْرَهين ثم لا يدركون ذلك؟، بل يذكُرُ ما هو صريح في رضي الحاضرين وأن ذلك ما فعل إلَّا بإذنهم ...)، انتهى (١).

وقال في أثناء البحث الثالث في الكلام على أن يحتمل أن عدم إنكار العلماء لعلمهم بعدم التأثير ما لفظه: (ولئن تنزّلنا فالإِنكار لا ينحصر في ذلك، بل من جملته بيان حكم ذلك في كتبهم وأنه منكر وممنوع)، انتهى (٢)، وهو مؤيِّد لما ذكرته من الاستشهاد بإقرارِ السيد السمهودي، والحمد لله.

وقد أفتى شيخنا شيخ الإِسلام علي بن جار الله الحنفي (٣)، والشيخ


(١) المناهل العذبة: ٣ / أ - ٣ / ب. ولتمام الفائدة ننقل عبارته بنصها، قال رحمه الله: (المقدمة: اعلم أن الذي أقوله وأفتي به على قواعد أئمتنا أنه يجوز بل يطلب إصلاح ما تشعث من سقف الكعبة وجدارها وميزابها وعتبتها ورخامها، كما وقع عليه الإجماع العقلي الآتي بيانه وتقرير العلماء عليه من لدن ابن الزبير رضي الله عنهما إلى يومنا هذا، وأنه يجوز التوصل إلى بناء حقيقة ما ظن اختلاله من نحو سقفها بكشف ما يعلم به أمره، كما وقع نظيره مما يأتي بيانه أيضًا، بل سيأتي عن الفاسي أنه وجماعة من قضاة مكة وأمير العمارة الذي ندبه لها برسباي وأعيانها، اجتمعوا بالكعبة لما خافوا من سارية من سواريها ظهر بها ميل، فكشفوا من فوقها فوجدت صحيحة، وردت حتى استقامت، وهذا منه كالقضاة وغيرهم صريح فيما قلته آخرًا من جواز الكشف المذكور، فتأمله فإنه واضح، وما يقال: يحتمل ... إلخ) انتهى.
(٢) المناهل العذبة: ورقة ٧، وجه أ.
(٣) هو الفقيه العلامة الإِمام علي بن جار الله بن ظهيرة القرشي الحنفي المكي، الخطيب العالم البحر العمدة، توفي بمكة سنة ١٠١٠ هـ، له مصنفات. وأخذ عنه جماعة من علماء مكة.
خلاصة الأثر: ٣/ ١٥٠، والمختصر لمرداد: ٣٦١ - ٣٦٢.

<<  <   >  >>