للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت: الأحكام الشرعية إنما تبنى على أسبابها العادية ولا تعلق فيها بالحقائق، على أنه مشاهد جلوس كثير من الطير على جدار الكعبة والتنجيس على ثوبها، وإنما لم تجبْ مراعاةُ ذلك بجلوس من يذب عنه في السطح لغاية المشقة التي لا يُعتاد ورود الشرع بها, ولا كذلك السدّ هنا، فوجب على جميع المسلمين وتعينت المبادرة به ولو من مال فيه شبهة, لأنه ليس مجعولًا من أجزائها على سبيل الدوام حتى يبالغ في الاحتياط في شأنه، بل هو بعرضة الزوال، وقد اعتيد تخليقُها بالمال (١) الذي يجمع من المكوس وذلك لما ذكرناه، وهذا ما فتح الله به علي وهو أعلم بالصواب.

* * *

[(تذييل) [في حصول الثواب للناظر إلى المتهدم من الكعبة]]

ينبغي حصول الثواب برؤية ما ظهر من الجدار مما انسلخ عنه أحد وجهيه من الجانب الغربي وبطن الجدار الشرقي، فإنه من أجزاء البيت، وشمله ما ورد في فضل النظر إلى البيت (٢).


(١) التخليق: التطييب، والمراد: تطييبها بالطيب المشترى من ذلك المال.
(٢) ورد في فضل النظر أحاديث منها ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن الله ينزل في كل يوم وليلة مائة وعشرين رحمة على هذا البيت، ستون للطائفين، وأربعون للمصلين، وعشرون للناظرين".
قال ابن ظهيرة في "الجامع اللطيف" ١٣٥: هذا الحديث وإن كان ضعيفًا فقد نص النووي وغيره من الحفاظ على جواز رواية الضعيف في الفضائل، انتهى. ونقل عن المحب الطبري كلامًا نفيسًا في تحقيق الأفضلية وترتيبها بين الطواف والصلاة والنظر. وعن ابن عباس: النظر إلى الكعبة محض الإِيمان، أخرجه الجندي. وعن سعيد بن المسيب: من نظر إلى الكعبة إيمانًا وتصديقًا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه. وغير ذلك مما أخرجه الأزرقي والفاكهي والجندي في مصنفاتهم.

<<  <   >  >>