للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخامس: اعتبر مَن صَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد الحُديبية وقبل فتح مكة من أصحابه الصُّحبة اللُّغوية التي هي شبيهةٌ بصحبة المنافقين والكفار، كما جاء في كلامه الأخير الذي هو خلاصةُ رأيه.

والجوابُ عن الأمر الأوّل أن يُقال:

إنَّ الهجرةَ إلى الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في المدينة تَمتدُّ مِن بدْءِ الهجرة إلى فتحِ مكة، مع التفاوت الكبير بين مَن تقدَّمتْ هجرتُه ومَن تأخَّرتْ، كما أنَّ التفاوُتَ حاصلٌ بين مَن هاجر في بداية الهجرة وبين مَن هاجر قُبَيل صُلح الحُديبية.

فإنَّ مَن شَهِد بدراً وأُحُداً والخندقَ وغيرَها أفضلُ مِمَّن هاجر قُبَيل الحُديبية وشَهِد الحُديبية.

وما ذكره في (ص:٨٥ ـ ٨٦) من تقسيم الهجرة إلى (هجرة شرعية) تنتهي بصلح الحُديبية و (شرعيةِ هجرةٍ) تَمتَدُّ إلى فتح مكة، وقصْره فضلَ الهجرة التي ورد لأهلها المدحُ والثناءُ على الهجرة قبل الحُديبية دون ما بعدها إلى فتح مكة تحكُّمٌ لا دليل عليه.

ويدلُّ لاستمرار الهجرة التي ورد لأهلها المدحُ والثناءُ من بدء الهجرة إلى فتح مكة ما يأتي:

١ ـ حديث ابن عباس في الصحيحين، واللفظُ للبخاري (٢٨٢٥) ، أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال يومَ الفتح: ((لا هجرةَ بعد الفتح، ولكن جهادٌ ونيَّةٌ، وإذا استُنفِرْتُم فانفِروا)) .

قال الحافظ في شرحه: ((قال الخطّابيُّ وغيرُه: كانت الهجرةُ فرضاً في أوَّل الإسلام على مَن أسلم لقلَّة المسلمين بالمدينة وحاجتِهم إلى الاجتماع، فلمَّا فتح الله مكةَ دخل النَّاسُ في دين الله أفواجاً، فسقط فرضُ الهجرة إلى

<<  <   >  >>