سابعاً: قوله: ((ثمَّ لا يُشترط أن يسبق في الموضوع أحدٌ ما دام للموضوع أدلَّته وبراهينه، فينطلق النَّقد على تلك البراهين والأدلة، ولا ينطلق على غير ذلك)) ، أقول: كان الأوْلَى بالمالكيِّ بدلاً من اللُّجوء إلى هذا الكلام عند إفلاسِه أن يتَّهم رأيَه ويقتدي ببعض أهل بيعة الرِّضوان الذين لَم يرتاحوا إلى بعض شروط الصُّلح وراجعوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ذلك، وكانوا فيما بعد يقولون: يا أيها الناس! اتَّهموا الرأي في الدِّين، والأدلَّة التي أشار إليها قد فهمها السَّلفُ فهماً صحيحاً، فلم يقصروها على المهاجرين والأنصار قبل الحديبية، والواجب الاعتماد على نصوص الكتاب والسنَّة وفقاً لفهم السلف، وكان الأليقُ بالمالكي أن يستحيي مِن ذِكر هذا الرأي الفاسد الذي لَم يسبقه إليه إلاَّ عبد الرحمن الحكمي.
ثامناً: أمَّا ما ذكره من حصول مصطلحات جديدة تعود بالنَّفع على العلم وأهله كعلم الأصول وعلم التجويد وعلم المصطلح وغير ذلك، فهذا شيءٌ محمود، وفيه تيسير العلم وتسهيل الوصول إليه، أمَّا ما ابتلي به المالكي من فهم خاطئ للنصوص وقصره الصُّحبة على المهاجرين والأنصار قبل الحديبية فلا علاقة له في تلك المصطلحات، وإنَّما هو من الإحداث في الدِّين والتنكُّب عن سبيل المؤمنين.
* * *
زعمه أنَّ الإجماعَ لا بدَّ فيه من اتِّفاق أمَّة الإجابة بفِرَقِها المختلفة والرد عليه:
قال في (ص:٥٩) : ((٣ ـ قد يُقال: إنَّ تقييدَك للصحبة بـ (المهاجرين والأنصار) خلاف الإجماع الذي استقرَّ عليه المحدثون من (اعتبار كل من لقي النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مؤمناً به ومات على الإسلام فهو صحابي)) ) .