صار إلى الجنَّة في نعيم لَم ير مثلَها قطُّ، ومَن بقي مِنَّا مَلَكَ رِقابَكم)) .
أقول: الله اكبر! ما أحسن هذا الكلام، وما أعظمَه، وما أجزلَه! وهو صادرٌ عن قوَّة إيمان، وبهذه القوَّة انتصر الصحابةُ رضي الله عنهم ومَن سار على نهجِهم، وحصلت العِزَّةُ للإسلام والمسلمين، وهذا الكلام بمنطق القوَّة والشجاعة، ومع الأسف نجد في هذا الزمان كثيراً من الإسلاميِّين يتكلَّمون بمنطق الضَّعف والذِّلَّة، فيقولون: إنَّ الجهادَ إنَّما شُرع في الإسلام للدِّفاع فقط، والله المستعان، وقد قال الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((بُعثتُ بين يدي الساعة بالسَّيف حتى يُعبد الله وحده لا شريك له، وجُعل رِزقي تحت ظِلِّ رُمْحِي، وجُعل الذُّلُّ والصَّغارُ على مَن خالف أمري، ومن تشبَّه بقومٍ فهو منهم)) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٢/٥٠، ٩٢) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وهو حديث ثابت، رجاله مُحتجٌّ بهم، وقد شرحه الحافظ ابن رجب في جزء لطيف مطبوع بعنوان:((الحِكَم الجديرة بالإشاعة في شرح حديث بُعثت بين يدي الساعة)) .
٣ ـ وكان المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أميراً على الكوفة، وتوفي سنة (٥٠هـ) ، وقد روى البخاري في صحيحه (٥٨) بإسناده إلى زياد بن عِلاَقَة قال: ((سمعتُ جرير بن عبد الله يقول يوم مات المغيرة بن شعبة، قام فحمِد الله وأثنى عليه، وقال: عليكم باتِّقاء الله وحده لا شريك له، والوَقار والسَّكينة، حتى يأتيكم أمير، فإنَّما يأتيكم الآن، ثمَّ قال: استعفوا لأميرِكم؛ فإنَّه كان يُحبُّ العفوَ، ثمَّ قال: أمَّا بعد، فإنِّي أتيتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قلتُ: أُبايِعُك على الإسلام، فشرط عليَّ: والنُّصح لكلِّ مسلم، فبايعتُه على هذا، وربِّ هذا المسجد! إنِّي لناصحٌ لكم، ثمَّ استغفَرَ ونزل)) .
وهذا الكلام من جرير رضي الله عنه لأهل الكوفة فيه وَصْفُ المغيرة