ورؤية الله في الدار الآخرة اتَّفق عليها الصحابة ومَن تبعهم بإحسان على تتابع القرون، ودلَّت عليها آيات الكتاب العزيز والأحاديث المتواترة، وأنكرها الجهمية والمعتزلة والخوارج والرافضة والباطنية، فعلى قول المالكي لا بدَّ في الإجماع من موافقة هذه الفرق، وإلاَّ فإنَّها تبقى مسألة خلافية لا إجماع فيها!
ومن أراد الوقوف على تفصيل القول في مسألة رؤية الله في الدار الآخرة وذِكر الأدلة من الكتاب والسنة يُمكنه ذلك بالرجوع إلى كتب أهل السنة، ومن ذلك كتاب ((حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح)) لابن القيم (ص:١٧٩ ـ ٢١٩) .
رابعاً: ما ذكره المالكي من أنَّ هذه التساؤلات التي ذكرها تحتاج إلى بتٍّ فيها ولا يحتمل هذا البحث الإجابة عليها، أقول: لقد بادر بالإجابة كما هو واضح من كلامه الذي يرى فيه أنَّ الإجماع لا بدَّ فيه من اتَّفاق كلِّ المسلمين على اختلاف مذاهبهم الفقهية والعقدية والسياسية!
خامساً: قوله: ((وأنا أدعو إخواني للبحث المنصف فقط، أو محاولة ذلك على الأقل، مع التواضع في الاعتراف بالقصور في العلم!)) ، أقول: ما أحوج المالكي إلى الإنصاف والتواضع ومعرفة قدر نفسه؛ ليَسْلَم من الشذوذ واتباع غير سبيل المؤمنين.
سادساً: ما ذكره من أنَّ الإجماع لا بدَّ فيه من اتِّفاق أمَّة الإجابة باختلاف مذاهبهم الفقهية والعقدية والسياسية، فيه احتفاؤه بأهل البدع والأهواء على اختلافها وتعدُّدها مع نيله من أهل السنَّة، ومن كلامه بالإشادة بأهل البدع والأهواء قوله في قراءته (ص:٧٠) : ((ولذلك كان أكثر بل كل التيارات التي نَصِمها بالبدعة كالجهمية والقدرية والمعتزلة