العقلاء الذين يحترمون البحث العلمي، ويمكن الإجابة على مثل هذه الأسئلة المكابرة بأسئلة مثلها، فيقال: كيف تخصُّون الصحابة بالعدالة مع أنَّ هذا التخصيص لَم يَرد عليه دليل لا من كتاب ولا من سنة؟! وهذه مسألة إجماع؛ فحكم الصحابة هو حكم غيرهم في الشهادة، لقوله تعالى:{وليشهد به ذوا عدل منكم}(كذا) ، فلو كان للصحابة خصوصية لكفى شاهد واحد عدل، ولو كان للصحابة خصوصية لاكتفى منهم بشاهد واحد في الزنا والقذف وغيرها، وهذا خلاف الإجماع؛ فإنَّ النصوص القرآنية والحديثية لا تفرق في الشهادة بين صحابي وتابعي، فلماذا تفرقون أنتم في الرواية بين الصحابي وغير الصحابي، فلا تبحثون عن عدالة الصحابي وتبحثون عن عدالة التابعي؟!
بأيِّ دليل من شرع أو عقل يُبيح لكم هذا التفريق؟! إذا كنتم تحتجُّون بأنَّ الله أثنى على الصحابة في كتابه، فهذا الثناء العام معارَض بذمٍّ عامٍّ في القرآن أيضاً)) .
ثمَّ ذكر آيات عديدة فيها الذم العام بزعمه، وذكر بعدها حديثاً واحداً وأشار إليه وإلى كثير من الآيات التي ذكرها، فقال:((ومن الأحاديث في الذمِّ العام قول النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في أحاديث الحوض في ذهاب أفواج من أصحابه إلى النار، فيقول النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أصحابي! أصحابي! فيُقال: لا تدري ما أحدثوا بعدك) الحديث متفق عليه، وفي بعض ألفاظه في البخاري:(فلا أرى ينجو منكم إلاَّ مثل همل النعم) .
فيأتي المعارِض للثناء العام بهذا الذَّمِّ العام، ويقول: كيف تجعلون للصحابة ميزة وقد أخبر النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنَّه لا ينجو منهم إلاَّ القليل، وأنَّ البقيَّة يؤخذون إلى النار؟!