الأول: أنَّ المعَوَّل على كلامهم في هذا التفريق بين الصحابة وغيرهم هم أهل السنة والجماعة المتَّبعون لنصوص الكتاب والسنَّة، وليس أهل البدع والأهواء، وقال الخطيب البغدادي في الكفاية (ص: ٤٦) : ((كلُّ حديثٍ اتَّصل إسنادُه بين من رواه وبين النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَم يلزم العمل به إلاَّ بعد ثبوت عدالة رجاله، ويجب النظرُ في أحوالهم سوى الصحابي الذي رفعه إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لأنَّ عدالَةَ الصحابة ثابتةٌ معلومةٌ بتعديل الله لهم، وإخباره عن طهارتهم، واختياره لهم في نص القرآن)) ثمَّ ذكر الآيات والأحاديث في ذلك.
ونقل الخطيب في (ص: ٤١٥) عن أبي بكر الأثرم قال: قلتُ لأبي
عبد الله يعني أحمد بن حنبل:((إذا قال رجلٌ من التابعين: حدَّثني رجلٌ من أصحاب النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فالحديثُ صحيحٌ؟ قال: نعم!)) .
ونقل أيضاً عن الحسين بن إدريس قال:((وسألتُه يعني محمد بن عبد الله بن عمار: إذا كان الحديثُ عن رجلٍ من أصحاب النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أيكون ذلك حجَّة؟ قال: نعم! وإن لَم يسمِّه؛ فإنَّ جميعَ أصحاب النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كلّهم حجّة)) .
الثاني: أنَّ دواوينَ السنَّة صحاحها وجوامعها وسننها ومسانيدها ومعاجمها وغير ذلك مشتملةٌ على الرواية عن الصحابة على الإبهام، وما ثبت بالإسناد إليهم فهو حجَّةٌ عند أهل السنَّة، ولا تؤثِّر جهالتُهم؛ لأنَّ المجهول منهم في حكم المعلوم.
وما كان في كتب أصحاب الكتب الستة من ذلك أورده المزي في تحفة الأشراف (١١/١٢٣ ـ ٢٤٠) ، وقال في أوَّله: ((فصل: ومن مسند جماعةٍ من الصحابة روي عنهم فلم يُسمَّوْا، رتَّبنا أحاديثهم على ترتيب أسماء