الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فإنَّه لَم يُخبر أنَّ أصحابَه لَم يَنْجُ منهم إلاَّ القليل، ولعل هذا الذي وقع من المالكي حصل خطأً لا عمداً.
وأمَّا ما جاء في بعض الأحاديث مِن أنَّه يُذاد عن حوضه أُناسٌ من أصحابه، وأنَّه يقول ((أصحابي!)) وفي بعض الألفاظ ((أُصيْحابي!)) ، فيُقال:((إنَّك لا تدري ما أحدثوا بعدك)) ، فهو محمولٌ على القلَّة التي ارتدَّت منهم بعد وفاة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقُتِلوا في ردَّتِهم على أيدي الجيوش المظفرة التي بعثها أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
وبعضُ أهل الأهواء والبدع يَحملون هذه الأحاديث على ارتداد الصحابة بعد وفاة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلاَّ نفراً يسيراً منهم، وكلام المالكي الذي قال فيه: إنَّه لا ينجو منهم إلاَّ القليل وأنَّ البقيَّةَ يُؤخذون إلى النار شبيهٌ بكلامهم، والحقيقة أنَّ هذه الفرقة الضالَّة الحاقدة على الصحابة وهم الرافضة هي الجديرة بالذَّوْد عن الحوض؛ لعدم وجود سِيمَا التحجيلِ فيها التي جاءت في الحديث في الصحيحين، وهو عند البخاري (١٣٦) من حديث أبي هريرة مرفوعاً: ((إنَّ أمَّتِي يُدعَون يوم القيامة غُرًّا مُحَجَّلين
من آثار الوضوء)) ، ولقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حديث أبي هريرة:((ويلٌ للأعقاب من النار)) أخرجه البخاري (١٦٥) ومسلم (٢٤٢) ، ولم أجد في الصحيحين التعبير بذهاب أفواج من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى النار، كما زعم المالكي، وقد تقدَّم للمالكي أنَّه أخرج كلَّ مَن أسلم وصحب النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد الحُديبية إلى حين وفاته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أخرجهم من أن يكونوا صحابة، وأنَّ الصحابةَ عنده وعند قدوته الحكمي هم المهاجرون والأنصار قبل الحديبية فقط، فعلى قوله هنا أنَّه لَم يَنْجُ من الصحابة إلاَّ القليل مثل همل النعم، وأنَّ البقية يؤمر بهم إلى النار، لا ينجو من المهاجرين والأنصار إلاَّ القليل مثل همل النعم!