وروى مسلمٌ أيضاً من حديث جابر (٦٥) بلفظ حديث عبد الله بن عمرو عند البخاري.
أقول: ولا شكَّ أنَّ أولى المسلمين بالسلامة من اللسان ومن الكتابة باليد أصحابُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال الحافظ في شرح الحديث:((والحديث عامٌّ بالنسبة إلى اللسان دون اليد؛ لأنَّ اللسانَ يمكنه القول في الماضين والموجودين والحادثين بعد، بخلاف اليد، نعم! يمكن أن تشارك اللسان في ذلك بالكتابة، وإنَّ أثرها في ذلك لعظيم)) .
وفي هذا المعنى يقول الشاعر:
... كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
... فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
وروى البخاري في صحيحه (٦٤٧٤) عن سهل بن سعد رضي الله عنه عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:((مَن يضمن لي ما بين لحْيَيْه وما بين رجليه أضمن له الجنَّة)) ، المراد بِما بين اللّحْيَيْن والرِّجْلَين اللسانُ والفرْجُ.
وروى البخاري في صحيحه (٦٤٧٥) ومسلم في صحيحه (٧٤) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)) الحديث.
قال الإمام أبو حاتم بن حبان البستي في كتابه روضةُ العقلاء ونزهة الفضلاء (ص:٤٥) : ((الواجبُ علىالعاقل أن يلزم الصمتَ إلى أن يلزمه التكلُّمُ، فما أكثرَ مَن ندم إذا نطق، وأقلَّ من يندم إذا سكت، وأطول الناس شقاءً وأعظمهم بلاءً من ابتُلي بلسانٍ مطلقٍ، وفؤادٍ مطبقٍ)) .
وقال أيضاً (ص:٤٧) : ((الواجبُ على العاقل أن يُنصف أذنيه من فيه،