للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النَّوع المذموم، ويمكن معرفةُ حقيقة ذلك بالاطِّلاع على ما نقلته من كلامه ورددتُ عليه، ولا سيَما تشكيكه في أَحقيَّة أبي بكر بالخلافة، فقد جاء فيه أنَّ عليًّا رضي الله عنه لو كان موجوداً ـ أي في السقيفة ـ لَتَمَّ له الأمرُ، وذلك رجمٌ بالغيب، و ((لو)) تفتح عمل الشيطان، وأيضاً جاء فيه وصْف الطريقة التي تَمَّت بها بيعة أبي بكر رضي الله عنه بأنَّها تُضعف شرعيَّة البيعة، وتَجعلُها أشبَه ما تكون بالقهر والغلبة، وخلافةُ الخلفاء الراشدين الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم على ترتيبهم مِمَّا أراده الله قَدَراً وشرعاً، فوقوع خلافتهم على هذا الترتيب دالٌّ على تقديره ذلك، وأنَّ الله قد شاءَه فوقع، ولَم يشأْ غيرَه فلَم يقع، ما شاء الله كان وما لَم يشأ لَم يكن، ويدلُّ لكونه مراداً شرعاً ما جاء في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه من قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (( ... فإنَّه مَن يَعِش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسُنَّتِي وسُنَّة الخلفاء الراشدين من بعدي)) الحديث، رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وقال الترمذي: ((حديث حسن صحيح)) ، ويدلُّ له أيضاً حديثُ سفينة مولى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((خلافةُ النبوة ثلاثون سنة، ثمَّ يُؤتي الله المُلْكَ أو مُلْكَه مَن يشاء)) رواه أبو داود (٤٦٤٦) وغيرُه، ونقل تصحيحَه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (٤٦٠) عن تسعة من العلماء.

أمَّا الزعم بأنَّ الطريقةَ التي تَمَّت بها بيعة أبي بكر رضي الله عنه تُضعفُ شرعيَّة البيعة، وتجعلها أشبهَ ما تكون بالقهر والغلبة، فهو كلامٌ يُنادي على قائله بأنَّه في وادٍ، والسُّنةَ وأهلَها في وادٍ آخر، وسيأتي الرَّدُّ عليه عند ذِكر تشكيكه في أحقِّية أبي بكر بالخلافة.

ولكلِّ ساقطةٍ لاقطة، فهذه القراءة المزعومة من المالكي في كتب العقائد

<<  <   >  >>