الأول: أنَّ كونَ المهاجرين والأنصار بعضُهم أولياء بعض لا يدلُّ على نفي ولايتِهم عن غيرهم مِمَّن أسلموا بعد فتح مكة، فالكلُّ خيار المؤمنين، مع التفاوت الكبير بينهم في الإيمان، وقد قال الله عزَّ وجلَّ:{وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} ، وسيأتي لذلك زيادةُ بيان عند ذِكر حديث ((المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض)) .
الثاني: أنَّ حديث ((المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض)) صحيح، وحديث ((الحيز)) ضعيف، وسيأتي بيان ذلك عند ذِكر الحديثين.
الثالث: أنَّ ما ذكره من كون المهاجرين والأنصار هم أصحاب النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقط قولٌ باطلٌ، وقد تكرَّر منه قصْر الصُّحبة على المهاجرين والأنصار قبل الحُديبية، وتكرَّر منِّي التنبيه على بطلان قوله بسبب تكراره.
الرابع: أنَّ الطُّلقاءَ وغيرَهم قد فاتتهم الهجرة، لكن لَم يفُتهم الجهاد والنيَّة، فقد أبلى كثيرٌ منهم في الجهادِ مع النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بلاءً حسناً، وقوله:(إنَّ إسلامهم رغبة في الدنيا ورهبة من السيف) هو مِن الظلم البيِّن، والظُّلمُ ظلمات يوم القيامة، لا سيما ما كان منه لأصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ولو حصل إسلام أحد منهم من أجل الدنيا فإنَّ الحالة تتغيَّر إلى خير؛ لقول أنس رضي الله عنه:((إن كان الرَّجلُ لَيُسلِم ما يريد إلاَّ الدنيا، فما يُسلم حتى يكون الإسلامُ أحبَّ إليه من الدنيا وما عليها)) رواه مسلم في صحيحه (٢٣١٢) .