وقد نقل ابن عقيل الحضرمي قدوة المالكي في كتابه العتب الجميل (ص:٦٠) أبياتاً عن أحد شيوخه، آخرها قوله:
قُلامة من ظفر إبهامه تعدل من مثل البخاري مئة
والضمير فيه يرجع إلى الإمام جعفر الصادق رحمه الله، وهو واضحٌ في الغلوِّ فيه، وفي الجفاء في الإمام البخاري رحمه الله، ولقد أحسن أبو سليمان الخطابي في قوله:
ولا تغْلُ في شيء من الأمر واقتصِد كلا طرفي قصد الأمور ذميمُ
وهذا الذي حصل لابن عقيل من الغلوِّ والجفاء قد ورثَه عن شيخه وأمثاله، وورثه المالكي عنهما وعن أمثالهما، وهو يُوَضِّح أنَّ البلاءَ الذي يحصل للتلاميذ غالباً إنَّما هو من شيوخهم، فابن عقيل ابتلي بمتابعة شيخه وأمثاله في الجفاء والغلوِّ، والمالكي تتلمذ على كتب ابن عقيل وأمثالها، وقد يكون تتلمذ مباشرة على علماء من أهل الضلال، فمِن أجل ذلك كان في كلامه ورأيه منحرفاً عن عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة الصافية النَّقيَّة إلى عقائد أهل البدع والضلال، نعوذ ?الله من الخذلان.
الرابع: ما ذكره من أنَّه لَم يجد نصًّا عن معاوية يَدَّعي أنَّه من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد نقضه بعده بقوله بأنَّه قد ثبت أنَّه يقول:((قد صحِبنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) ، وقول معاوية ذلك جاء في صحيح البخاري (٣٧٦٦) بإسناده إليه قال: ((إنَّكم لتُصلُّون صلاةً لقد صَحِبنا النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فما رأيناه يُصلِّيها، ولقد نهى عنهما، يعني الركعتين بعد العصر)) .
وقول المالكي:((وإن كان قد ثبت عنه أنَّه يقول: (قد صحبنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فيقصدُ الصُّحبة العامة لا الشرعيَّة، فإن قصد الشرعيَّةَ فقوله مردود