أن بنتاً [له] تقوده [في] بيته، وقد كُفَّ بصره إذ ضربتها الرمضاء فأحرقتها فقالت: يا أبَهْ، ما أشد الحر، بكسر الراء، فظنَّ أنها تريد: أي الحر أشد. فقال: يا بُنَية، وغرةُ القيظ، ومعمعان الصيف. فلما تلفَّت إليها بكت وقالت: يا أبَهْ، ما أشد الحر، ففهم عنها وقال: يا بنية، قولي: ما أشد الحر، وعمل باب التعجب.
وقال ابن الأنباري: أول من وضع النحو أبو الأسود الدؤلي، ثم ميمون الأقرن، ثم عنبسة الفيل، ثم عبد الله بن أبي إسحق. قال: فوضع عيسى بن عمر في النحو كتابين، سمى أحدهما "الجامع" والآخر "المكمل"، فقال الخليل بن أحمد:
بطل النحو جميعاً كلُّه ... غير ما ألف عيسى بن عمر
ذاك إكمال وهذا جامع ... فهما للناس شمس وقمر
وأبو الأسود الدؤلي هو أول من وضع نقط المصاحف، ثم فتح باب الشكل الخليل بن أحمد، والخليل الذي استنبط من علم النحو ودقائقه ما لم يسبقه سابق، ولم يلحقه لاحق، ووضع علم العروض.
وعن أبي عثمان المازني قال: سمع أبو الأسود رجلاً يقرأ: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولِهِ} بكسر اللام، فقال: أو قد بلغ الناس إلى ما أرى؟ ابغوني كاتباً ذهناً. فجاؤوه برجل، فدفع إليه مصحفاً، ثم قال له: قلمك بيدك، واسمع كيف أقرأ، فإذا رأيتني قد ضممت فاي فألقِ قدّام الحرف نقطة، وإذا فتحت فاي